للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمة الله عليه، أو تغمده الله برحمته، ولا يكتب الصلاة والسلام لغير الأنبياء والملائكة إلا لاختصاص ذلك عرفا وشرعا بالأنبياء والملائكة عليهم السلام، ومتى سقط من ذلك شيء فلا يتقيد به، بل يثبته مع النطق به، واختار أحمد بن حنبل إسقاط الصلاة والسلام والترضي والترحم رواية مع نطقه بذلك، وإفراد الصلاة عن السلام مكروه وعكسه كذلك كما قاله النووي١.

الخامسة: لا يهتم المشتغل بالمبالغة في حسن الخط٢، وإنما يهتم بصحته وتصحيحه، ويجتنذب التعليق جدا، وهو خلط الحروف التي ينبغي تفرقتها، والْمَشْق وهو سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف، قال عمر رضي الله عنه٣: "شر الكتابة المشق، وشر القراءة الهذرمة، وأجود الخط أبينه". ولا يكتب الكتابة الدقيقة؛ لأنه ربما لم ينتفع به وقت حاجة الانتفاع به من كبر وضعف بصر، ثم محله فيمن عجز عن ثمن ورق، أو حمله في سفر، فيكون معه خفيف المحمل فلا كراهة في ذلك ولا منع للعذر، والكتابة بالحبر أولى من المداد كما مر، وينبغي ألا يكون القلم صلبا جدا فيمنع سرعة الجري، ولا رخوا فيسرع إليه الحفي.

قال بعضهم٤: إذا أردت أن تجود خطك فأطل جلفتك وأسمنها، وحرف قطتك وأيمنها، ولتكن السكين حادة جدا لبراية الأقلام وكشط الورق، ولا تستعمل في غير ذلك، وليكن ما يقط عليه القلم صلبا، وهم يحمدون القصب الفارسي اليابس جدا، والآبنوس الصلب الصقيل٥.

ويراعي من آداب الكتابة ما ورد عن بعض السلف، فعن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاوية، ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولا تعور الميم


١ مقدمة شرح صحيح مسلم ٢٨١-٢٨٣.
٢ تذكرة السامع ١٧٧.
٣ الجامع لأخلاق الراوي ١/ ٤٠٣.
٤ نفسه ٤٠٣، وتذكرة السامع ١٧٩.
٥ تذكرة السامع ١٨٠.

<<  <   >  >>