للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الشيخ هيبة له، إذ قال له الشيخ: أسأل؟ قال الشافعي: سل، قال: إيش الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله، قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: وماذا؟ قال: واتفاق الأمة، قال: من أين قلت اتفاق الأمة؟ قال: من كتاب الله، قال: من أين في كتاب الله؟ فتدبر الشافعي ساعة، فقال الشيخ: قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها، فإن جئت بحجة من كتاب الله عز وجل في الاتفاق وإلا تب١ إلى الله عز وجل، قال: فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن قال: فخرج في اليوم الثالث في ذلك الوقت يعني بين الظهر والعصر وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه وهو مسقام، فجلس فلم يكن بأسرع من أن جاء الشيخ فسلم وجلس فقال: حاجتي، فقال الشافعي: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] ، لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض فقال: صدقت، فقام وذهب، فقال الشافعي لما ذهب الرجل: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه، قال ابن السبكي: يجوز أن يكون هذا الشيخ الخضر عليه السلام، وقد فهمه الشافعي حين أجله واستمع له، وأصغى لإغلاظه في القوم واعتمد على إشارته٢.

وبالسند المشار إليه إلى ابن السبكي٣ بسنده إلى الشيخ أحمد بن محمد بن أبي الفراتي٤ سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي٥ يقول: قلت مرة


١ أحكام القرآن للشافعي ١/ ٣٩، ومفتاح الجنة ١/ ٤١، وطبقات السبكي ٢/ ٢٤٣-٢٤٥.
٢ طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٢٤٣-٢٤٥.
٣ طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ١٧١.
٤ هو أبو الفضل، أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفراتي الخوباني: الأمير أخو الأمير سعيد، من أهل خوجان نيسابور، من أولاد العلماء، وكان فاضلا، ولي القضاء بقصبة خوجان وحمدوا سيرته، ومات بقرية زاذيك من نواحي أُسْتُوَا سنة ٥٤٤هـ. التحبير في المعجم الكبير ٢/ ٤٤٧، ومعجم البلدان ٢/ ٣٩٩.
٥ هو محمد بن الحسين بن محمد الأزدي السلمي النيسابوري: من علماء المتصوفة، قال الذهبي: "شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم، قيل: كان يضع الأحاديث للصوفية"، بلغت تصانيفه مائة أو أكثر، مولد ووفاته في نيسابور سنة ٤١٢هـ. تاريخ بغداد ٢/ ٢٤٨، والسير ١٧/ ٢٤٧.

<<  <   >  >>