للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أدوية الاحتقار١ التأدب بما أدب الله تعالى به عباده، قال تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: ١١] وقال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] فربما كان هذا الذي دونه أطهر قلبا، وأخلص نية، وأزكى عملا، كما قيل: إن الله تعالى أفَى ثلاثة في ثلاثة: وليه في عباده، ورضاه في طاعته، وغضبه في معاصيه٢، ثم إن المحتقر لا يعلم بماذا يختم له، ففي الصحيح: "إن إحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ... " ٣ الحديث، نسأل الله العافية من كل داء.

ومنها: أن يتجنب مواضع التهم، فإنه يعرض نفسه وعرضه للوقوع في الظنون المكروهة، فإن اتفق له وقوع شيء من ذلك لحاجة أخبر من شاهده وأصحابه بحقيقة ذلك الفعل؛ لئلا يأثموا بظنهم الباطل، ولئلا ينفروا عنه، قال تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢] ومن هذا الحديث الصحيح: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للرجلين لما رأياه يتحدث مع صفية٤ فوليا: "على رسلكما إنها صفية"، ثم قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخفت أن يقذف في قلوبكما شيئا"، وروي: "فتهلكا" ٥.


١ تذكرة السامع والمتكلم ٢٦.
٢ تذكرة السامع والمتكلم ٢٦.
٣ رواه البخاري ١١/ ٤١٧، ومسلم ٢٦٤٣، وأبو داود ٤٧٠٨، والترمذي ٢١٨٣، وأحمد ١/ ٢٨٣، والبغوي ٧١.
٤ هي أم المؤمنين، صفية بنت حيي بن أخطب: من الخزرج، من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، كانت في الجاهلية من ذوات الشرف، تدين باليهودية، من أهل المدينة المنورة، ثم أسلمت، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفيت في المدينة سنة ٥٠هـ. الإصابة "كتاب النساء" ترجمة رقم ٦٤٧.
٥ الحديث في صحيح مسلم عن صفية بنت حيي رضي الله عنها ٢/ ٢١٦ حديث رقم ٢١٧٥، والبخاري ٤/ ٢٤٠، وأبو داود ٢٤٧٠، وأحمد ٣/ ١٥٦، والبغوي ٤٢٠٨١، وانظر أيضا تذكرة السامع والمتكلم ٢٠، وكتاب العلم للنووي ٨٩.

<<  <   >  >>