للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا قل كان لي حاسدا ... أتدري على من أسأت الأدب١

أسأت على الله في فعله ... لأنك لم ترض لي ما وهب

فجازاك عني بأن زادني ... وسد عليك وجوه الطلب

ولأبي حنيفة رحمه الله في الحسد "من البسيط":

إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي كثيرا أهالي الفضل قد حسدوا٢

فدام بي وبهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظا بما يجد

ومن أدوية الرياء أن يعلم أن الخلق لا يقدرون على نفعه ولا ضره بما لم يقدره الله تعالى عليه، فلا يتشاغل بمراعاتهم فيتعب نفسه، ويرتكب سخط الله مع أن الله يطلعهم على نيته وسريرته في ريائه لهم وخوفه منهم.

ومن أدوية الإعجاب أن يعلم أن علمه وفهمه وجودة ذهنه وفصاحته وغير ذلك من النعم فضل من المنعم جل وعلا وهو معه عارية وأمانة، وأن معطيه إياها قادر على سلبها منه في طرفة عين، كما سلب بلعام٣ ما علمه في طرفة عين، نسأل الله السلامة.


١ الأبيات في تاريخ بغداد ١٣/ ٢٣٠، ووفيات الأعيان ٥/ ٢٢٢، ومعجم الأدباء ١٩/ ١٥٤.
٢ البيت للبيد بن عطارد بن حاجب التميمي كما في بهجة المجالس ١/ ٤١٣، وانظر طبقات الحنفية ١/ ٤٩٨، وشرح الحماسة ١/ ٣٨١.
٣ هو بلعام بن باعوراء، من بني إسرائيل الذي دعا على موسى عليه السلام وقومه، وقصته مذكورة في التفاسير، وفيه أنزل الله عز وجل الآيتين ١٧٤-١٧٥ من سورة الأعراف.
قال الإمام الغزالي: فكذلك العالم الفاجر، فإن بلعام أوتي كتاب الله تعالى فأخلد إلى الشهوات فشبه بالكلب؛ أي سواء أوتي الحكمة أو اسم يؤت فهو يلهث. الإحياء ١/ ٤٥، وانظر أيضا تفسير القرطبي ٧/ ٣٠٣، والطبري ٨/ ٨٢، وابن كثير ٢/ ٢٦٧، وانظر هذا الكلام في تذكرة السامع والمتكلم ٢٥.

<<  <   >  >>