للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: أن يتصور ويتأمل ويهذب ما يريد أن يورده، أو يقرره أو يسأل عنه قبل إبرازه والتفوه به؛ ليأمن من صدور هفوة، أو زلة، أو وهم، أو انعكاس فهم، لا سيما إن كان هناك من يخشى منه أن يصير ذلك عليه وصمة، ويجعله عند نظرائه ومن يحسده وسمة، والله هو الموفق، وهو اللطيف الخبير.

ومنها: ألا يستنكف من التعلم والاستفادة١ ممن هو دونه في منصب أو سن أو نسب أو شهرة أو دين أو في علم آخر، بل يحرص على الفائدة ممن كانت عنده، فقد كان كثير من السلف يستفيدون من تلاميذهم ما ليس عندهم، قال الحميدي٢ وهو تلميذ الشافعي: صحبت الشافعي من مكة إلى مصر فكنت أستفيد منه المسائل، وكان يستفيد مني الحديث٣، وقال أحمد بن حنبل: قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث مني، فإذا صح عندكم الحديث فقولوا لي حتى آخذ به٤، وقد ثبت في الصحيحين٥ وغيرهما رواية جماعة من الصحابة عن التابعين وروى جماعات من التابعين عن تابع التابعين، وهذا عمرو بن شعيب٦ ليس تابعيا، وقد روى عن أكثر من سبعين من التابعين، وأبلغ من هذا ما ثبت في الصحيحين٧ من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ: {لَمْ يَكُنِ


١ الجامع لأخلاق الراوي ١/ ٢١١ فما بعد، وتذكرة السامع ٢٨-٢٩.
٢ هو أبو بكر، عبد الله بن الزبير الحميدي الأسدي: أحد الأئمة في الحديث، من أهل مكة، رحل منها مع الإمام الشافعي إلى مصر، ولزمه إلى أن مات، فعاد إلى مكة يفتي بها، وهو شيخ البخاري، ورئيس أصحاب ابن عيينة، توفي بمكة سنة ٢١٩هـ. السير ١٠/ ٦١٦، والنجوم الزاهرة ٢/ ٢٣١، وطبقات الحفاظ ٢٠٠.
٣ تذكرة السامع ٢٩.
٤ حلية الأولياء ٩/ ١٠٦، وتذكرة السامع ص٢٩.
٥ تدريب الراوي ٢/ ٢٤٥ و٣٨٨ و٣٨٦.
٦ هو إبراهيم، عمرو بن شعيب بن محمد السهمي القرشي: من رجال الحديث، كان يسكن مكة، وتوفي بالطائف سنة ١١٨هـ. تهذيب التهذيب ٨/ ٤٨، والأعلام ٥/ ٧٩.
٧ صحيح البخاري حديث ٤٦٧٦ و٤٦٧٧ في التفسير، ومسلم رقم ٧٩٩ في صلاة المسافرين.

<<  <   >  >>