للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: ١] على أُبي بن كعب١ -رضي الله عنه- وقال: "أمرني الله أن أقرأ عليك" ٢، هذا وقد استنبط العلماء من هذا الحديث فوائد٣:

الأولى: بيان التواضع من الفاضل بقراءته على المفضول، قال صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها التقطها"، وفي رواية: "فهو أحق بها"٤، وقال سعيد بن جبير٥: لا يزال الرجل عالما ما تعلم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده، فهو أجهل ما يكون، وأنشد بعضهم "من الطويل":

وليس العمى طول السؤال وإنما ... تمام العمى طول السكوت على الجهل٦

الثانية: ألا يستحي من السؤال عما لا يعلم، وعن مجاهد: لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر٧.


١ هو أبو المنذر، أبي بن كعب بن قيس النجاري الخزرجي: صحابي أنصاري، كان قبل الإسلام حبرا من أحبار اليهود، مطلعا على الكتب القديمة، ولما أسلم كان من كتاب الوحي، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله، وكان يفتي على عهده، وأمره عثمان بجمع القرآن، فاشترك في جمعه، مات بالمدينة ٢١هـ. الإصابة ١/ ٢٦، وغاية النهاية ١/ ٣١.
٢ رواه البخاري رقم ٤٦٧٦ في التفسير، ومسلم ١/ ٧٩٩، والمستدرك ٢/ ٢٤٤، والترمذي ٥/ ٦٦٥ و٧١١، والسنن الكبرى ٥/ ٢٨.
٣ فتح الباري ٨/ ٧٢٥، وشرح النووي على صحيح مسلم ٦/ ٨٥ و١٦/ ٢٠.
٤ الترمذي ٥/ ٥١، وابن ماجه ٢/ ١٣٩٥، ومسند الشهاب ١/ ١١٨، وتذكرة السامع ٢٩، وشرح سنن ابن ماجه ١/ ٣٠٧.
٥ هو أبو عبد الله، سعيد بن جبير الأسدي، بالولاء، الكوفي: تابعي، كان أعلمهم على الإطلاق، وهو حبشي الأصل، أخذ العلم عن ابن عباس وابن عمر، وخرج ابن الأشعث على بني أمية، وكان معه سعيد، إلى أن قتل ابن الأشعث، فذهب سعيد إلى مكة، ثم قبض عليه، وقتله الحجاج بواسط سنة ٩٥هـ، قال أحمد بن حنبل: قتل الحجاج سعيدا وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه. وفيات الأعيان ٢/ ٣٧١، والسير ٤/ ٣٢٢، وانظر قوله في تذكرة السامع والمتكلم ٢٨.
٦ جامع بيان العلم ١/ ٣٨٠، وفيه: قال أبو عمر: كان الأصمعي ينشد: شفاء العمى ... ، وتذكرة السامع ٢٨، ومحاضرات الأدباء ١/ ٤٩.
٧ ذكره البخاري تعليقا، كتاب العلم، باب الحياء في العلم، قال: وقال مجاهد: "لا يتعلم العلم ... "، وهو عند أبي نعيم موصولا ٣/ ٢٨٧، والدارمي في سننه ١/ ١١٢، وانظر أيضا فتح الباري ١/ ٢٢٩، وجامع بيان العلم ١/ ٥٣٥-٥٣٦.

<<  <   >  >>