للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غطوا رؤوسهم ولهم خنين " (١).

ومعنى الحديث: لو أنكم علمتم ما أعلمه من عظمة الله عز وجل، وانتقامه ممن يعصيه، لطال بكاؤكم وحزنكم وخوفكم مما ينتظركم، ولما ضحكتم أصلاً، فالقليل هنا بمعنى المعدوم، وهو مفهوم من السياق.

وروت السيدة عائشة رضى الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تغيّر الهواء وهبت ريح عاصفة يتغير ويتردد فى الحجرة ويدخل ويخرج، كل ذلك خوفاً من عذاب الله (٢).

وروى عبد الله بن الشخير: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل فى الصلاة يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل (٣).

ومن تأمل أحوال الصحابة رضى الله عنهم ومن بعدهم من الصالحين من سلف هذه الأمة، وجدهم فى غاية العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن.

فهذا الصديق - رضي الله عنه - يقول: وددت أنى شعرة فى جنب عبد


(١) رواه البخارى (١١/ ٣١٩) الرقاق، والترمذى (٩/ ١٢٤) الزهد. والخنين: هوالبكاء مع غنة بانتشار الصوت من الأنف.
(٢) رواه البخارى (٦/ ٣٤٧) بدء الخلق بمعناه ومسلم (٦/ ١٩٦) الاستسقاء.
(٣) رواه أبو داود (٨٩٠) الصلاة بلفظ الرحى، والنسائى (٣/ ١٣) والسهو، وأحمد (٤/ ٢٥،٢٦) وصححه الألبانى، وقال السيوطى: " أزيز": أى خنين من الجوف وهو صوت البكاء وهو أن يجيش جوفه ويغلى بالبكاء: كأزيز المرجل " وهو بالكسر: الإناء الذى يغلى فيه الماء سواء كان من حديد أو صفيح، أو حجارة أو خزف - هامش (٣/ ١٣) النسائى.
وقال فى المرقاة: وفى الحديث دليل على أن البكاء لا يبطل الصلاة سواء ظهر منه حرفان أم لا واستدل على جواز البكاء فى الصلاة بقوله تعالى: {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سُجّدا وبُكياً} (مريم ٥٨). عون المعبود (٣/ ١٧٣).

<<  <   >  >>