له من العثرات، منتهزاً فرصة الإمكان التى إن فاتت فاته جميع الخيرات، ثم يلحظ فى نور تلك اليقظة وفور نعمة ربه عليه، ويرى أنه آيسٌ من حصرها وإحصائها، عاجزٌ عن آداء حقها، ويرى فى تلك اليقظة عيوب نفسه، وآفات عمله، وما تقدم له من الجنايات والإساءات والتقاعد عن كثير من الحقوق والواجبات، فتنكسر نفسه وتخشع جوارجه، ويسير إلى الله ناكس الرأس بين مشاهدة نعمه، ومطالعة جناياته، وعيوب نفسه، ويرى أيضاً فى ضوء تلك اليقظة عزة وقته، وخطره، وأنه رأس مال سعادته فيبخل به فيما لا يقربه إلى ربه، فإن فى إضاعته الخسران والحسرة، وفى حفظه الربح والسعادة.
فهذه آثار اليقظة وموجباتها، وهى أول منازل النفس المطمئنة التى ينشأ منها سفرها إلى الله والدار الآخرة.
[النفس اللوامة]
قالت طائفة: هى التى لاتثبت على حال واحدة، فهى كثيرة التقلب والتلون، فتذكر وتغفل، وتقبل وتعرض، وتحب وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتطيع وتتقى.
وقالت أخرى: هى نفس المؤمن، قال الحسن البصرى: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً يقول: ما أردت هذا؟ لم فعلت هذا؟ كان هذا أولى من هذا؟ أو نحو هذا الكلام.
وقالت أخرى: اللوم يوم القيامة، فإن كلّ أحد يلوم نفسه إن كان مسيئاً على إساءته، وإن كان محسناً على تقصيره.