الحمد لله الذى أحسن خلق الإنسان وعدّله، وألهمه نور الإيمان فزينه به وجملهُ وعلمه البيان فقدمه به وفضله، وأمده بلسان يترجم به عما حواه القلب وعقله، فاللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة، فإنه صغير جرمُهُ عظيم طاعته وجُرمه، إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان، ومن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان فى كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هارٍ إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكب الناس فى النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، عن معاذ - رضي الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال:" وهل يكب الناس فى النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم؟ "(١).
والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قولٍ أو عملٍ حصد الرامة، من زرع عشراً من قول أو عمل حصد الندامة.
وقد وردت الأخبار الكثيرة فى لتحذير من آفات اللسان وبيان خطره.
(١) رواه الترمذى (١٠/ ٨٧، ٨٨) الإيمان وقال: حسن صحيح وابن ماجه (٣٩٧٣) الفتن، والحاكم (٢/ ٤١٣) التفسير، وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبى وصححه الألبانى.