للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زهدت ".

قال الحسن البصرى: " أدركت أقواماً وصحبت طوائف، ما كانوا يفرحون بشىء من الدنيا أقبل، ولا يأسفون على شىء منها أدبر، ولهى كانت فى أعينهم أهون من التراب، كان أحدهم يعيش خمسين سنة أو ستين سنة لم يُطوَ له ثوبٌ، ولم يُنصب له قدرٌ، ولم يجعل بينه وبين الارض شيئاً، ولا أمَرَ مَنْ فى بيته بصنعة طعام قط، فإذا كان الليل، فقيام على أقدامهم يفترشون وجوههم، تجرى دموعهم على خدودهم يناجون ربهم فى فكاك رقابهم، كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا فى شكرها، وسألوا الله أن يقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم، وسألوا الله أن يغفرها، فلم يزالوا على ذلك، ووالله: ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة، فرحمة الله عليهم ورضوانه ".

[درجات الزهد]

الدرجة الأولى

أن يزهده فى الدنيا وهو لها مُشتَهٍ، وقلبه إليها مائل، ونفسه إليها ملتفتة، ولكن يجاهدها ويكفيها، وهذا يسمى: متزهد.

الدرجة الثانية:

الذى يترك الدنيا طوعاً لاستحقاره إياها، بالاضافة غلى ما طمع فيه، ولكنه يرى زهده، ويلتفت إليه، كالذى يترك درهماً لأجل درهمين.

الدرحة الثالثة:

أن يزهد فى الدنيا طوعاً، ويزهد فى زهده، فلا يرى أنه ترك شيئا فيكون كمن ترك خَزَفَةَ وأخذ جوهرةٌ.

<<  <   >  >>