للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - فضول المخالطة]

هى الداء العضال الجالب لكل شر، وكم سَلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست فى القلب من حزازات تزول الجبال الراسياتُ وهى فى القلوب لا تزول، ففى فضول المخالطة خسارة الدنيا والآخرة، وإنما ينبغى للعبد أن يأخذ من المخالطة بقدر الحاجة، ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينها دخل عليه الشر:

أحدهما: مَن مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه فى اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة، ثم إذا احتاج إليه خالطه، هكذا على الدوام، هُم العلماء بالله وأمره ومكايد عدوه، وأمراض القلوب وأدويتها الناصحون لله ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولخلقه فهذا الضرب فى مخالطتهم الربح كلّ الربح.

القسم الثانى: مَن مخالطته كالدواء، يحتاج إليه عند المرض، فما دُمتَ صحيحاً فلا حاجة لك فى خلطته، وهم من لايستغنى عن مخالطتهم فى مصلحة المعاش وما أنت تحتاج إليه من أنواع المعاملات والاستشارة ونحوها، فإذا قضت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من:

القسم الثالث: وهم مَنْ مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه، فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن، وهو من لاتربح عليه دين ولا دنيا، ومع ذلك فلا بد أن تخسر عليه الدين والدنيا أو أحدهما، فهذا إذا تمكنت منك مخالطته واتصلت فهى مرضُ الموت المخوف، ومنهم الذى لايحسن أن يتكلم فيفيدك، ولا يحسن أن ينصت

<<  <   >  >>