للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[محاسبة النفس]

علامة استيلاء النفس الأمارة بالسوء على قلب المؤمن محاسبتها والتضييق عليها وسؤالها عن كل قول وعمل.

قال الحسن: " المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة لى قوم حاسبوا أنفسهم فى الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر على غير محاسبة ".

إن المؤمن يفاجئه الشىء ويعجبه فيقول: والله إنى لأشتهيك، وإنك لمن حاجتى، ولكن والله ما من حيلة إليك، هيهات حيل بينى وبينك ويفرط منه الشىء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا؟! ما لى ولهذا؟ ّ والله لا أعود إلى هذا أبداً. إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بين هلكتهم، إن المؤمن أسير فى الدنيا يسعى فى فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه فى سمعه، وفى بصره، وفى لسانه، وفى جوارحه، مأخوذ عليه فى ذلك كله.

قال مالك بن دينار: " رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً ".

فحق على الحازم المؤمن بالله وباليوم الآخر أن لايغفل عن محاسبة نفسه، والتضييق عليها فى حركاتها وسكناتها، وخطراتها، فكل نفس من انفاس العمر جوهرة نفيسة، يمكن أن يشترى بها كنزاً من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد، فإضاعة هذه الأنفاس، أو اشتراء صاحبها بها مما يجلب هلاكه

<<  <   >  >>