من أن تكون في حكم المغصوب فيجب انتزاعها قبل الحول وبعده من مال الغنى
والفقير، أو في حكم الودائع فلا يجوز أن يتملكها فقير ولا أن يتصدق بها غنى أو في حكم الكسب فيجوز أن يتملكها الغنى والفقير.
ومذهب أبى حنيفة مخالف لاصول هذه الاحكام الثلاثه فكان فاسدا: ثم يقال لابي حنيفة الثواب إنما يستحق على المقاصد بالاعمال لا على أعيان الافعال لان صورها في الطاعه والمعصية على سواء كالمرائي بصلاته، ثم لا يصح أن يكون ثواب العمل موقوفا على غير العامل في استحقاقه أو إحباطه فأما الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تصدق بها فمحمول على فرض صحة الرواية على أن الواجد سأله عن ذلك فأذن له فيه، وأما الزكاة فلا معنى للجمع بينها وبين اللقطه، لان الزكاة تملك غير مضمون ببدل، واللقطه تؤخذ مضمونه ببدل فكان الغنى أحق بتملكها، لانه أوفى ذمة، وأما ما ذكروه من المضطر فقد جعلناه أصلا.
(مسألة) قال الشافعي رضى الله عنه ولا أحب لاحد ترك اللقطة إذا وجدها وكان أمينا عليها، وظاهر قوله يقتضى استحباب أخذها دون إيجابه، وقال أيضا ولا يجوز لاحد ترك اللقطه إذا وجدها، فكان ظاهر هذا القول يدل على إيجاب أخذها، فاختلف أصحابنا لاختلاف هذين الظاهرين، فكان أبو الحسن بن القطان وطائفة يخرجون ذلك على اختلاف قولين
(أحدهما)
أن أخذها استحباب وليس بواجب على ظاهر ما نص عليه في هذا الموضع لانه غير مؤتمن عليها ولا مستودع لها.
(والقول الثاني) أن أخذها واجب وتركها مأثم، لانه لما وجب عليه حراسة نفس أخيه المسلم وجب عليه حراسة مال أخيه المسلم وقال جمهور أصحابنا، ليس ذلك على قولين، انما هو على اختلاف حالين، فالموضع الذى لا يأخذها إذا كانت يؤمن عليها ويأخذها غيره ممن يؤدى الامانه
فيها، والموضع الذى أوجب عليه أخذها إذا كانت في موضع لا يؤمن عليها ويأخذها غيره ممن لا يؤدى الامانة فيها، لما في ذلك من التعاون، وعلى كلتا