الحالتين لا يكره له أخذها إذا كان أمينا عليها، بل يدور أخذها بين الاستحباب والوجوب.
وحكى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَرِهَا أخذها.
وروى أن شريحا مر بدرهم فلم يعرض له.
وفى هذا القول إبطال التعاون وقطع المعروف.
وقد أخذ أبى الصرة وأخذ على الدينار.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليهما ولا كرهه لهما، ويجوز أن يكون المحكى عن ابن عباس وابن عمر فيمن كان غير مأمون عليها، أو ضعيفا عن القيام بها.
ونحن نكره لغير الامين عليها والضعيف عن القيام بها أن يتعرف لاخذها، وإنما يؤمر به من كان أمينا قويا، فلو تركها القوى الامين حتى هلكت فلا ضمان عليه وإن أساء.
وإن أخذها لزمه القيام بها، وإن تركها بعد الاخذ لزمه الضمان.
ولو ردها على الحاكم فلا ضمان عليه بخلاف الضوال في أحد الوجهين لانه ممنوع من أخذ الضوال فضمنها.
وغير ممنوع من أخذ اللقطة فلم يضمنها وقد اختلف العلماء فيما إذا تصرف الملتقط في اللقطة بعد تعريفها سنة ثم جاء صاحبها هل يضمنها له أم لا؟ فذهب الجمهور إلى وجوب الرد إن كانت العين موجودة أو البدل إن كانت قد استهلكت.
وخالف في ذلك الكرابيسى صاحب الشافعي ووافقه صاحباه البخاري وداود بن على الظاهرى إمام المذهب المعروف لكن وافق داود الجمهور إذا كانت العين قائمة.
ومن أدلة الجمهور مما تقدم من الاحاديث (ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (فإن جاء صاحبها فلا تكتم فهو أحق بها) وفى رواية للبخاري (فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها، فان جاء صاحبها فأدها
إليه) أي بدلها لان العين لا تبقى بعد أكلها.
وفى رواية لابي داود (فان جاء باغيها فأدها إليه، والا فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها، فان جاء باغيرها فأدها إليه) فأمر بأدائها قبل الاذن في أكلها وبعده.
قال الماوردى في الحاوى الكبير: أن الواجد لو منع بعد الحول من تملكها أدى ذلك إلى أحد أمرين، اما أن لا يرغب الواجد في أخذها، واما أن تدخل