للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أحدهما)

أن يكون مما يصل بنفسه إلى الماء والرعى، ويدفع عن نفسه صغار السباع، اما لقوة جسمه كالابل والبقر والخيل والبغال والحمير.

واما لبعد أثره كالغزال والارنب والطير، فهذا الانواع كلها لا يجوز لواجدها أن يتعرض لاخذها إذا لم يعرف مالكها لقوله صلى الله عليه وسلم في ضوال الابل: مالك ولها معها حذاؤها، أي خفها الذى يقيها العثرات وتعتمد عليه في السعي إلى المرعى بدون أن يتجشم أحد تقديم الطعام إليها، ومعها سقاؤها، اشارة إلى طول عنقها، فتمد عنقها إلى الماء فلا تحتاج إلى من يقدمه لها.

ولذا قال: ترد الماء وتأكل الشجر حتى يأتي ربها ولانها تحفظ أنفسها فلم يكن لصاحبها حظ في أخذها فإن أخذها لم يخل من أحد أمرين، أما أن يأخذها لقطة ليتملكها ان لم يأت صاحبها، فهطا متعد وعلى ضمانها، فإن أرسلها لم يسقط الضمان.

وقال أبو حنيفة ومالك: قد سقط الضمان عنه بالارسال بناء على أن من تعدى في وديعة ثم كف عن التعدي فعندهما يسقط عنه الضمان.

وعند الشافعي وأصحابه لا يسقط، فان لم يرسلها ودفعها إلى مالكها فقد سقط عنه ضمانها بأدائها

إلى مستحقها، وان دفعها إلى الحاكم عند تعذر المالك ففى سقوط الضمان وجهان:

(أحدهما)

قد سقط لان الحاكم نائب عمن غاب

(والثانى)

لا يسقط لانها قد تكون لحاضر لا يولى عليه.

والامر الثاني: أن لا يأخذها لقطة ولكن يأخذها حفظا لها على مالكها، فان كان عارفا بمالكها لم يضمن ويده يد أمانة حتى تصل إلى المالك.

وان كان غير عارف للمالك ففى وجوب الضمان وجهان

(أحدهما)

لا ضمان لانه من التعاون على البر والتقوى (والوجه الثاني) عليه الضمان لانه لا ولاية له على غائب، فان كان واليا كالامام أو الحاكم فلا ضمان عليه، فقد روى أن عمر رضى الله عنه كانت له حظيرة يحظر فيها ضوال المسلمين.

فهذا حكم أحد الضربين والضرب الثاني: ما لا يدفع عن نفسه ويعجز عن الوصول إلى الماء والرعى كالغنم والدجاج، فلو أخذه وأكله في الحال من غير تعريف، غنيا كان أو فقيرا

<<  <  ج: ص:  >  >>