وقال مالك وداود: هو غير مضمون عليه ويأكله إباحة ولا غرم عليه في استهلاكه استدلالا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (هي لك أو لاخيك أو للذئب) ومعلوم أن ما استهلكه الذئب هدر لا يضمن، وإنما أراد بيان حكم الآخذ في سقوط الضمان، ولان ما استباح أخذه من غير ضرورة إذا لم يلزمه تعريفه لم يلزمه غرمه كالدراهم وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نفس منه) ولانها لقطة يلزمه ردها مع بقائها، فوجب أن يلزمه غرمها عند استهلاكها قياسا على اللقطة في الاموال، ولانها ضالة فوجب أن تضمن بالاستهلاك كالابل.
فأما الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هي لك أو لاخيك أو للذئب) فهو أنه نبه بذلك على إباحة الاخذ وجواز الاكل دون الغرم.
وأما الركاز فإنه لا يلزم رده فلذلك سقط غرمه، وليس كذلك الشاة، لان ردها واجب فصار غرمها واجبا.
فإذا ثبت جواز أخذ الشاة وما لا يدلع عن نفسه وإباحة أكله ووجوب غرمه فكذلك صغار الابل والبقر، لانها لا تمنع عن أنفسها كالغنم ثم لا يخلو حال واجد الشاة وما في معناها من أربعة أحوال (أحدها) أن يأكلها فيلزمه غرم قيمتها قبل الذبح عند الاخذ في استهلاكها ويكون ذلك مباحا لا يأثم به وان غرم (والحال الثانية) أن يتملكها ليستبقيها حية لدر أو نسل فذلك له، لانه لما استباح تملكها مع استهلاكها فأولى أن يستبيح تملكها مع استبقائها ثم في صحة ضمانها وجهان كالعارية مخرجا.
وفى الاختلاف قولين في ضمان الصداق، أحدهما أنه ضامن لقيمها أكثر ما كانت من حين وقت التملك إلى وقت التلف، فإن جاء صاحبها وهى باقية وقد أخذ الواجد درهما ونشلها كان الدر والنسل للواجد لحدوثه على ملكه، وللمالك أن يرجع بها دون قيمتها، فإن بذلك له الواجد قيمتها لم يجبر على أخذها مع بقاء عينها إلا أن يتراضيا على ذلك فيجوز، فلو كانت