القرابة والزوجية والملك والولاء منتفية، والالتقاط إنما هو تخليص له من الهلاك، وتبرع بحفظه فلا يوجب ذلك نفقة كما لو فعله بغير اللقيط، فإذا عرف هذا وكان نسمة يجب تعهدها بالتربية والانفاق انصرف هذا الواجب إلى بيت مال المسلمين، لقول عمر رضى الله عنه: هو حر لك ولاؤه وعلينا نفقته، وذلك لانه كالفقير الذى لا كسب فان نفقته واجبة له في بيت مال المسلمين، وذلك لان بيت المال وارثه، وماله مصروف إليه فتكون نفقته عليه كقرابته وموالاته.
فان تعذر الانفاق عليه لعدم وجود مال في بيت المال أو كان اللقيط في مكان لا تقوم فيه حكومه تنفذ شريعة الله وترعى العجزة والفقراء واللقطاء فعلى من علم حاله أن يتولى الانفاق عليه.
ويحتمل أن يقال: إنه لا يجب الانفاق عليه من بيت المال ولو كان موجودا وفيه مال، لان بيت المال إنما ينفق منه في الوجوه التى توفر على الانفاق عليها، وقد تكون أهم من هذا، واللقيط يحتمل أن يكون غنيا، ويحتمل أن يكون له أب موسر، ويحتمل أن له سيد تجب عليه نفقته.
فإذا قلنا: إنه لا يجب الانفاق عليه من بيت المال وجب على الامام أن ينظم جماعة يكون هو أحد أفرادها تتولى الانفاق عليه على سبيل الاقراض، حتى إذا ظهر له مال أو ولى شرعى موسر، أو استطاع الكسب أمكن رد ما أنفق عليه، فان لم يكن يستطع الكسب ولم يكن له ولى موسر قضى من سهم المساكين أو الغارمين، ويجرى هذا كله على اللقيط ولو حكم بكفره.
قال في النهاية: خلافا
لما في الكفاية تبعا للماوردى.
فإذا امتنع أهل القرية أو البلدة عن أن ينفقوا على اللقيط وجب على الامام قتالهم، ويفرق هنا بين كونها قرضا وفى بيت المال مجانا، بأن وضع بيت المال الانفاق على المحتاجين فلهم فيه حق مؤكد دون مال المياسير، وإذا لزمهم وزعها الامام على مياسير بلده، فان شق ذلك فعلى من يراه الامام منهم، فان استووا في نظره تخير، وهذا إن لم يبلغ اللقيط، فان بلغ فمن سهم الفقراء أو المساكين أو الغارمين كما قررنا، فان ظهر له سيد أو قريب رجع عليه وقد ضعف هذا النووي في الروضة وخالفه الشمس الرملي في النهايه.