وجملة هذا أن من أنفق متبرعا فلا شئ له سواء كان الملتقط أو غيره، وإن تبرع بالانفاق عليه فأنفق عليه الملتقط أو غيره محتسبا بالرجوع عليه إذا أيسر وكان ذلك بأمر الحاكم لزم اللقيط ذلك إذا كانت النفقة قصدا بالمعروف، وبهذا قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأى وان أنفق بغير أمر الحاكم محتسبا بالرجوع عليه فقد قال الشافعي ومالك والثوري والاوزاعي وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن والشعبى وابن المنذر: هو متبرع.
وقال أحمد بن حنبل: تؤدى النفقة من بيت المال، وقال شريح والنخعي يرجع عليه بالنفقة إذا أشهد عليه.
وقال بن عبد العزيز: يحلف ما أنفق احتسابا، فإن حلف استسعى والاصل عند القائلين بالرجوع أنه أدى ما وجب على غيره فكان له الرجوع على من كان الوجوب عليه كالضامن إذا قضى عن المضمون عنه.
هذا وما بقى من كلام المصنف فعلى وجهه وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
(فصل)
وان التقطه كافر نظرت، فإن كان اللقيط محكوما بإسلامه لم يقر في يده، لان الكفالة ولاية، ولا ولاية للكافر على المسلم، ولانه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه، وان كان محكوما بكفره أقر في يده لانه على دينه، وان التقطه فاسق لم يقر في يده، لانه لا يؤمن أن يسترقه، وأن يسئ في تربيته، ولان الكفالة ولاية والفاسق ليس من أهل الولاية
(فصل)
وان التقطه ظاعن يريد أن يسافر به نظرت، فان لم تختبر أمانته في الباطن، يقر في يده، لانه لا يؤمن أن يسترقه إذا غاب، وان اختبرت أمانته في الباطن، فان كان اللقيط في الحضر والملتقط من أهل البدو ويريد أن يخرج به إلى البدو منع منه، لانه ينقله من العيش في الرخاء إلى العيش في الشقاء، ومن طيب المنشأ إلى موضع الجفاء.
وفى الخبر (من بدا فقد جفا) وان أراد أن يخرج به إلى بلد آخر ففيه وجهان
(أحدهما)
يجوز، وهو ظاهر النص، لان البلد كالبلد
(والثانى)
لا يجوز، لان البلد الذى وجد فيه أرجى لظهور نسبه فيه.