للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مسأله) ولا يصح طلاق الصبى والنائم والمجنون.

وقال أحمد في إحدى الروايتين: إذا عقل الصبى الطلاق وقع.

دليلنا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، ولا يصح طلاق المعتوه ومن زال عقله بمرض أو بسبب مباح لِمَا رَوَى جَابِرٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كل الطلاق جائز الا طلاق المعتوه والصبى ولانه يلفظ بالطلاق ومعه علم ظاهر يدل على قدر قصده بوجه هو معذور فيه فلم يقع طلاقه كالطفل.

(فرع)

وان شرب خمرا أو نبيذا فسكر فطلق في حال سكره فالمنصوص أن طلاقه يقع.

وحكى المزني أنه قال في القديم " في ظهار السكران قولان " فمن أصحابنا من قال.

إذا ثبت هذا كان في طلاقه أيضا قولان.

(أحدهما)

لا يقع واليه ذهب ربيعة والليث وداود وأبو ثور والمزنى، لانه زال عقله فأشبه المجنون.

(والثانى)

يقع طلاقه لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " فخاطبهم في حال السكر فدل على أن السكران مكلف.

وروى أن عمر رضى الله عنه استشار الصحابة رضى الله عنهم وقال ان الناس قد تباغوا في شرب الخمر واستحقروا حد العقوبة فيه، فما ترون؟ فقال على انه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحده حد المفترى، فلولا أن لكلامه حكما لما زيد في حده لاجل هذيانه.

وقال أكثر أصحابنا: يقع طلاقه قولا واحدا لما ذكرناه من الآية والاجماع.

واختلف أصحابنا في نيته فمنهم من قال: لان سكره لا يعلم الا من جهته وهو متهم في دعوى السكر لفسقه، فعلى هذا يقع الطلاق في الظاهر وليس فيما بينه

وبين الله تعالى.

ومنهم من قال يقع الطلاق تغليظا عليه، فعلى هذا يقع منه كل ما فيه تغليظ عليه كالطلاق والردة والعتق، وما يوجب الحد، ولا يقع ما فيه تخفيف كالكناح والرجعة وقبول الهبة، ومنهم من قال لما كان سكره معصية سقط حكمه، فجعل كالصاحي، فصح منه الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>