للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله:

(فصل)

وإن تلف الرهن في يد المرتهن من غير تفريط تلف من ضمان الراهن ولا يسقط من دينه شئ لما روى سعيد بن المسيب رضى الله عنه قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ لا يغلق الرهن ممن رهنه، ولانه وثيقة بدين ليس بعوض منه فلم يسقط الدين بهلاكه كالضامن، فإن غصب عينا ورهنها بدين ولم يعلم المرتهن وهلكت عنده من غير تفريط فهل يجوز للمالك أن يغرمه فيه وجهان

(أحدهما)

لا يغرمه لانه دخل على الامانة

(والثانى)

له أن يغرمه لانه أخذه من يد ضامنة، فان قلنا انه يغرمه فغرمه فهل يرجع بما غرم على الراهن

فيه وجهان

(أحدهما)

يرجع لانه عره

(والثانى)

لا يرجع لانه حصل التلف في يده فاستقر الضمان عليه، فان بدأ وغرم الراهن، فان قلنا ان المرتهن إذا غرم رجع على الراهن لم يرجع الراهن على المرتهن بما غرمه، وإن قلنا ان المرتهن إذا غرم لا يرجع على الراهن رجع عليه الراهن بما غرمه، فان رهن عند رجل عينا وقال رهنتك هذا إلى شهر فان لم أعطك مالك فهو لك بالدين فالرهن باطل لانه وقته والبيع باطل لانه علقه على شرط فان هلك العين قبل الشهر لم يضمن لانه مقبوض بحكم الرهن فلم يضمنه كالمقبوض عن رهن صحيح، وان هلك بعد الشهر ضمنه لانه مقبوض بحكم البيع فضمنه كالمقبوض عن بيع صحيح (الشرح) الحديث مر تخريجه في غير موضع أما الاحكام فانه إذا قبض المرتهن الرهن فهلك في يده من غير تفريط لم يلزمه ضمانه ولا يسقط من دينه شئ، وبه قال الاوزاعي وعطاء وأحمد وأبو عبيد وهى إحدى الروايتين عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، وذهب الثوري وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن الرهن مضمون على المرتهن بأقل الامرين من قيمته، أو قدر الدين، فإذا هلك فان كان الدين مائة وقيمة الرهن تسعين ضمنه بتسعين وبقى له من الدين عشرة، وان كان الدين تسعين وقيمة الرهن مائة فهلك الرهن سقط الرهن وسقط جميع دينه، ولا يرجع الراهن عليه بشئ لسقوط الدين، وروى ذلك عن عمر رضى الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>