وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن الرهن مضمون على المرتهن بكمال قيمته، ثم يترادان، وهى الرواية الثانية عن على رضى الله عنه.
وذهب الشعبى والحسن البصري إلى أن الرهن إذا هلك في يد المرتهن سقط جميع دينه، سواء كانت قيمته أكثر من قدر الدين أو أقل أو كانا متساويين.
وقال مالك: إن هلك الرهن هلاكا ظاهرا، مثل أن كان عبدا فمات أو دارا فاحترقت فهو غير مضمون على المرتهن، وان هلك هلاكا خفيا، مثل أن يدعى المرتهن أنه هلك، فهو مضمون كما قال اسحاق بن راهويه.
دليلنا ما روى سعيد بن المسيب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قال " لا يغلق الرهن من راهنه الذى رهنه له غنمه وعليه غرمه " فهذا الحديث دليل في ثلاثة أمور: (أحدها) قوله صلى الله عليه وسلم " لا يغلق الرهن " وله ثلاثة تأويلات.
أحدهما: لا يكون الرهن للمرتهن بحقه إذا حل الحق.
والتأويل الثاني: لا يسقط الحق بتلفه.
والثالث: أي لا ينغلق حتى لا يكون للراهن فكه عن الرهن بل له فكه.
فإن قيل فهذا حجة عليكم لان قوله صلى الله عليه وسلم " لا يغلق الرهن " أي لا يهلك بغير عوض.
قال زهير: وفارقتك رهن لا فكاك له
* يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا يعنى ارتهن فخلبه الحب يوم الوداع، فأمسى وقد غلق الرهن، أي هلك بغير عوض.
قلنا هذا غلط لان القلب لا يهلك، وانما معناه أن القلب صار رهنا بحقه وقد انغلق انغلاقا لا ينفك (الثاني) قوله صلى الله عليه وسلم " من راهنه " يعنى من ضمانه، قال الشافعي رضى الله عنه: وهذه أبلغ كلمة للعرب في أنهم إذا قالوا هذا الشئ من فلان يريدون من ضمانه.
(الثالث) قوله صلى الله عليه وسلم " له غنمه وعليه غرمه " قال الشافعي رضى الله عنه وغرمه هلاكه وعطبه، ولانه مقبوض عن عقد لو كان فاسدا لم يضمن فوجب إذا كان صحيحا أن لا يضمن أصله، كالوديعة ومال المضاربة والوكالة والشركة، وعكسه المقبوض عن البيع والقرض