أمان إلى مدة فعاونوهم أنتقض أمانهم، فإن أدعوا أنهم كانوا مكرهين ولم تكن لهم بينة على الاكراه انتقض الامان، والفرق بينهم، وبين أهل الذمة في أحد القولين أن الامان المؤقت ينتقض بالخوف من الخيانة فانتقض بالمعاونة، وعقد الذمة لا ينتقض بالخوف من الخيانة فلم ينتقض بالمعاونة.
(الشرح) قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإن كانت لاهل البغى جماعة تكثر ويمتنع مثلها بموضعها الذى هي بعض الامتناع حتى يعرف أن مثلها لا ينال حتى تكثر نكايته واعتقدت، ونصبوا إماما وأظهروا حكماو وامتنعوا من حكم الامام العادل، فهذه الفئة الباغية التى تفارق حكم من ذكرنا قبلها يقصد القلة من النفر اليسير الذين لا يتأتى لهم أن يقيموا دولة أو حكومة ذات سلطان بإزاء حكومة أهل العدل فينبغي إذا فعلوا هذا أن نسألهم ما نقموا، فإن ذكروا مظلمة ببنة ردت فإن لم يذكروها بينة قيل لهم: عودوا لما فارقتم من طاعة الامام العادل وان تكون كلمتكم وكلمة أهل الدين الله على المشركين واحدة، إلى أن قال، وما أصابوا في هذه الحال على وجهين
(أحدهما)
ما أصابوا من دم ومال وفرج على التأويل ثم ظهر عليهم بعد لم يقم عليهم من ذلك شئ إلا أن يوجد مال رجل بعينه فيؤخذ والوجه الثاني: ما أصابوا على غير وجه التأويل من حد لله تعالى أو للناس ثم ظهر عليهم رأيت أن يقام عليهم كما يقام على غيرهم ممن هرب من حد أو أصابه وهو في بلاد لا والى فيها ثم جاء لها وال.
وهكذا غيرهم من أهل دار غلبوا الامام عليها فصار لا يجرى له بها حكم، فمتى قدر عليهم أقيمت عليهم تلك الحدود ولم يسقط عنهم ما أصابوا بالامتناع، ولا يمنع الامتناع حقا يقام انما يمنعه التأويل والامتناع معا.
اه
وكان الشافعي قد قال قبل ذلك في أول كتاب قتال أهل البغى والردة (وأمر الله تعالى أن فاءوا أن يصلح بينهما بالعدل، ولم يذكر تباعة في دم ولا مال، وانما ذكر الله تعالى الصلح آخرا كما ذكر الاصلاح بينهم أولا قبل الاذن بقتالهم فأشبه هذا والله أعلم أن تكون التباعات في الجراح والدماء وما فات من