قال وقد يحتمل قول الله عزوجل: فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل، والعدل أخذ الحق لبعض الناس من بعض، قال وانما ذهبنا إلى أن القود ساقط، والآية تحتمل المعنيين، أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن الزهري قال: أدركت الفتنة الاولى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكانت فيها دماء وأموال فلم يقتص فيها من دم ولا مال ولاقرح أصيب بوجه التأويل الا أن يوجد مال رجل بعينه فيدفع إلى صاحبه اه أما أحكام الفصل فإنه إذا أتلف أحد الفريقين على الآخر نفسا أو مالا قبل قيام الحرب أو بعدها وجب عليه الضمان لانه أتلف مالا محرما عليه بغير القتال فلزمه ضمانه مكما لو أتلفوه قبل البغى، وإن أتلفوه في حال القتال نظرت فإن أتلف ذلك أهل العدل لم يلزمه ضمانه بلا خلاف لانهم مأمورون بقتالهم، والقتال يقتضى اتلاف ذلك.
وان أتلف ذلك أهل البغى على أهل العدل فَفِيهِ قَوْلَانِ.
قَالَ فِي الْقَدِيمِ يَجِبُ عَلَيْهِ ضمان ذلك، وبه قال مالك لقوله تعالى (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) والباغى ظالم فوجب أن يكون عليه السلطان وهو القصاص، ولان الضمان يجب على آحاد أهل البغى، فوجب أن يكون على جماعتهم وعكسه أهل الحرب.
وقال في الجديد لا يجب وعليهم الضمان، وبه قال أبو حنيفة وأحمد ابن حنبل وهو الاصح، لقوله تعالى (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الخ
الآية، فأمر بقتالهم ولم يوجب ضمان ما أتلفوا عليهم.
وروى أن هشام بن عبد الملك أرسل إلى الزهري يسأله عن امرأة من أهل العد ذهبت إلى أهل البغى وكفرت زوجها وتزوجت من أهل البغى ثم تابت ورجعت هل يقام عليها الحد؟ فقال الزهري: كانت الفتنة العظمى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم البدريون، فأجمعوا على أنه لا حد على من ارتكب فرحا محظورا يتأويل القرآن، وأن لا ضمان على من سفك دما محرما بتأويل القرآن وألا غرم على من أتلف مالا بتأويل القرآن وروى أن عليا رضى الله عنه قاتل أهل الجمل وقتل منهم خلق عظيم وأتلف مال عظيم ثم ملكهم ولم ينقل أنه ضمن أحدا منهم ما أتلف من نفس أو مال،