للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا معتوها، لانه إذا لم يجز أن يكون واحد من هؤلاء شاهدا فلان لا يجوز أن يكون قاضيا أولى، ولا يجوز أن يكون امرأة لقوله صلى الله عليه وسلم: ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة، ولانه لا بد للقاضى من مجالسة الرجل من الفقهاء والشهود والخصوم والمرأة ممنوعة من مجالسة الرجل لما يخاف عليهم من الافتتان بها ولا يجوز أن يكون أعمى لانه لا يعرف الخصوم والشهود، وفى الاخرس الذى يفهم الاشارة وجهان كالوجهين في شهادته، ولا يجوز أن يكون جاهلا بطرق الاحكام لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: القضاة ثلاثة، قاضيان في النار وقاض في الجنة، فأما الذى في الجنة فرجل عرف الحق فحكم به فهو في الجنة، وأما اللذان في النار فرجل عرف الحق فجار في حكمه فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ولانه إذا لم يجز أن يفتى الناس وهو

لا يلزمهم الحكم، فلان لا يجوز أن لا يقضى بينهم وهو يلزمهم الحكم أولى، ويكره أن يكون القاضى جبارا عسوفا، وأن يكون ضعيفا مهينا، لان الجبار يهابه الخصم فلا يتمكن من استيفاء حجته، والضعيف يطمع فيه الخصم ويتشط عليه، ولهذا قال بعض السلف وجدنا هذا الامر لا يصلحه الا شدة من غير عنف ولين من غير ضعف.

(فصل)

ولا يجوز ولاية القضاء الا بتولية الامام أو تولية من فوض إليه الامام لانه من المصالح العظام فلا يجوز الا من جهة الامام، فإن تحاكم رجلان إلى من يصلح أن يكون حاكما ليحكم بينهما جاز، لانه تحاكم عمر وأبى بن كعب إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم واختلف قوله في الذى يلزم به حكمه، فقال في أحد القولين لا يلزم الحكم إلا بتراضيهما بعد الحكم وهو قول المزني رحمه الله تعالى، لانا لو ألزمناهما حكمه كان ذلك عزلا للقضاة وافتياتا على الامام، ولانه لما اعتبر تراضيهما في الحكم اعتبر رضاهما في لزوم الحكم.

والثانى أنه يلزم بنفس الحكم، لان من جاز حكمه لزم حكمه كالقاضي الذى ولاه الامام، واختلف أصحابنا فيما يجوز فيه التحكيم، فمنهم من قال يجوز في كل ما تحاكم فيه الخصمان كما يجوز حكم القاضى الذى ولاه الامام، ومنهم من قال يجوز في الاموال، فأما في النكاح والقصاص واللعان وحد القذف فلا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>