(فصل)
وان ولى قضاء بلد وكان القاضى قبله لا يصلح القضاء نقض أحكامه
كلها أصاب فيها أو أخطأ لانه حكم ممن لا يجوز له القضاء فوجب نقضه كالحكم من بعض الرعية، وإن كان يصلح القضاء لم يجب عليه أن يتتبع أحكامه لان الظاهر أنها صحيحة، فإن أراد أن يتتبعها من غير متظلم فهل يجوز له ذلك أم لا فيه وجهان
(أحدهما)
وهو اختيار الشيخ أبى حامد الاسفراينى أنه يجوز لان فيه احتياطا
(والثانى)
أنه لا يجوز لانه يشتغل بماض لا يلزمه عن مستقبل يلزمه، وإن تظلم منه متظلم فإن سأل احضاره لم يحضره حتى يسأله عما بينهما، لانه ربما قصد أن يبتذله ليحلف من غير حق.
وإن قال لى عليه مال من معاملة أو غصب أو إتلاف أو رشوة أخذها منه على حكم أحضره.
وان قال حكم على بشهادة عبدين أو فاسقين ففيه وجهان:
(أحدهما)
أنه يحضره كما يحضره إذا ادعى عليه مالا
(والثانى)
أنه لا يحضره حتى يقيم بينة بما يدعيه لانه لا تتعذر إقامة البينة على الحكم، فإن حضر وقال ما حكمت عليه إلا بشهادة حرين عدلين فالقول قوله لانه أمين، وهل يحلف؟ فيه وجهان
(أحدهما)
وهو قول أبى سعيد الاصطخرى أنه لا يحلف لانه عدل والظاهر أنه صادق.
(والثانى)
أنه يحلف لانه أمين ادعى عليه خيانة فلم يقبل قوله من غير يمين كالمودع إذا ادعى عليه خيانة وأنكرها.
وان قال جار على في الحكم نظرت فإن كان ما حكم به مما لا يسوغ فيه الاجتهاد نقضه كما ينقض على نفسه إذا حكم بمن لا يسوغ فيه الاجتهاد، وان كان مما يسوغ فيه الاجتهاد كثمن الكلب وضمان ما أتلف على الذمي من الخمر لم ينقضه كما لا ينقض على نفسه ما حكم فيه مما يسوغ فيه الاجتهاد، لانا لو نقضنا ما يسوغ فيه الاجتهاد لم يستقر لاحد حق ولا ملك لانه كلما ولى حاكم نقض ما حكم به من قبله فلا يستقر لاحد حق ولا ملك
(فصل)
وإذا خرج إلى مجلس الحكم فالمستحب له أن يدعو بدعاء رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ماروت أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا خَرَجَ مِنْ بيته يقول: اللهم انى أعوذ بك من أن أزل أو أزل أو أضل أو أضل أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يجهل على،