بدلها أو يتبرع له بها فلم يفعل فأذن لصاحب الارض أن يقلعها، وقال لصاحب الشجرة: إنما انت مضار ".
وصاحب القياس الفاسد يقول: لا يجب عليه أن يبيع شجرته ولا يتبرع بها ولا يجوز لصاحب الارض أن يقلعها، لانه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، وإجبار على المعاوضة عليه، وصاحب الشرع أوجب عليه إذا لم يتبرع بها أن يبيعها لما في ذلك من مصلحة صاحب الارض بخلاصه من تأذنه بدخول صاحب الشجرة، ومصلحة صاحب الشجرة بأخذ القيمة، وإن كان عليه في ذلك ضرر يسير، فضرر صاحب الارض ببقائها في بستانه أعظم، فإن الشارع الحكيم يدفع أعظم الضررين بأيسرهما، فهذا هو الفقه والقياس والمصلحة، وإن أباه من أباه.
والمقصود: أن هذا دليل على وجوب البيع عند حاجة المشترى.
وأين حاجة هذا من حاجة عموم الناس إلى الطعام وغيره؟ والحكم في المعاوضة على المنافع إذا احتاج الناس إليها - كمنافع الدور.
والطحن والخبز، وغير ذلك..حكم المعاوضة على الاعيان.
وبعد فقد استعرضنا ملخصا وافيا مركزا لما عرض له ابن القيم وشيخه.
قال ابن القيم: وجماع الامر أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير.
سعر عليهم تسعير عدل لا وكس ولا شطط.
وإذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل.
وبالله التوفيق.
وقد قال الشوكاني في المنتقى في باب النهى عن التسعير: وقد استدل بالحديث وما ورد في معناه على تحريم التسعير، وأنه مظلمة، ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم والتسعير حجر عليهم والامام مأمور برعاية مصلحة المسلمين وليس نظره في مصلحة المشترى برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن وإذا تقابل الامران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لانفسهم وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بمالا يرضى به مناف لقوله تَعَالَى (إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ منكم) والى هذا ذهب جمهور العلماء.
وروى عن مالك أنه يجوز للامام التسعير وأحاديث الباب ترد عليه.