لاختلاف هذا الجواب، فكان أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هريرة وجمهورهم ينقلون جواب كل واحدة من المسألتين إلى الآخر، ويخرجونها على قولين
(أحدهما)
وهو اختيار المزني والربيع أن القول قول المالك في الدابة والارض على ما نص عليه في المزارعة وله الاجرة، ووجهته ما ذكره المزني،
وهو أن المنافع مملوك تصح المعاوضة عليها كالاعيان، ثم ثبت أنهما لو اختلفا في العين بعد استهلاكها، فقال ربها: بعتها عليك، وقال المستهلك.
بل وهبتنيها، فان القول قول المالك دون المتلف وله الاجرة.
(والقول الثاني) ان القول قول الراكب في الدابة والزارع في الارض معا على ما نص عليه في العارية ولا أجرة عليه، ووجهه أنهما متفقان على أن المتصرف قد استهلك منافع لنفسه إما بعارية أو إجارة، ومن ادعى ثبوت عوض على غيره في استهلاك منافعه لم يقبل منه، وخالف استهلاك العين التى قد اتفقا عليها أنها ملك لربها دون مستهلكها، وفى هذا انفصال عما ذكره المزني توجيها.
وقال أبو العباس بن سريج.
ليس ذلك على اختلاف قولين وإنما الجواب على ظاهره في الموضعين فيكون القول في الدابة قول راكبها وفى الارض قول مالكها اعتبارا بالعرف فيها، لان العادة في الدواب جارية باعارتها، فكانت العادة شاهدة لراكبها، والعادة جارية في الارض بالاجارة فكانت العادة شاهدة لمالكها، وهذه طريقة أبى العباس في اعتبار العرف والعادة فيها، وليس مذهبا للشافعي لان من يؤجر قد يعير، ومن يعير قد يؤجر.
فإذا تقرر ما وصفنا فان قلنا: إن القول قول رب الدابة والارض فمع يمينه فإذا تلف فله الاجرة، وفيها وجهان:
(أحدهما)
أنه القدر الذى سماه، لانه قد جعل القول قوله فيه.
(والوجه الثاني) وهو أصح أن له أجرة المثل لانهما لو اختلفا في الاجرة مع اتفاقهما على الاجارة لم يقبل قول المؤجر فيها، فأولى أن لا يقبل قوله مع اختلافهما فيها، فان نكل المالك عن اليمين لم ترد على المتصرف المستعير، لان ردها لا يفيد، لان الاجرة ساقطه عنه لنكول المالك.