الراكب مع يمينه، فان حلف برئ من الاجرة ورد الدابة، وإن نكل ردت اليمين على المالك ليستحق بها ما ادعاه من الاجرة، فإذا حلف فله المسمى وجها واحدا، لان يمينه بعد النكول، إما أن تجرى مجرى البينة أو الاقرار وأيهما كان فيوجب الحكم بالمسمى.
فلو كانت الدابة قد تلفت بعد الركوب ثم اختلفا فالمالك يدعى الاجرة دون القيمة، والراكب يقر بالقيمة دون الاجرة - فان قلنا: إن القول قول المالك حكم له بالاجرة وحدها دون القيمة لانه لا يدعيها.
وإن قلنا: إن القول قول الراكب فهل يلزمه للمالك أقل الامرين من الاجرة أو القيمة؟ على وجهين.
(أحدهما)
يحكم له به لاتفاقهما على استحقاقه.
(والوجه الثاني) لا يحكم له بشئ فيها لانه لا يدعى القيمة ولا يستحق الاجرة والفصل الثاني وهو أن يقول المالك غصبتها ويقول الآخر بل أعرتنيها، فهذا الاختلاف مؤثر في الاجرة دون القيمة، لان العارية مضمونه كالغصب وأجرة العارية غير مضمونه بخلاف الغصب، فان كان هذا قبل الركوب سقط تأثير هذا الاختلاف، وإن كان بعد الركوب فالذي نقله المزني ههنا أن القول قول المستعير فاختلف أصحابنا فكان أبو على بن أبى هريرة يخرجها على قولين كالمسألة الاولى لاشتراكهما في العله، ويجعل قول المزني ههنا أحد القولين.
وذهب آخرون من أصحابنا إلى أن القول في هذه المسألة قول المالك قولا واحدا، والفرق بين هذه المسألة والتى قبلها أن في اختلافهما في العارية والاجارة اتفاقا على أن الراكب مالك للمنفعه، فجاز أن لا يقبل قول المالك في الاجرة، ولم يتفقا على مثل ذلك في هذه المسألة، لان المالك يقول: أتلفت أيها الراكب منفعتي بغير حق، والراكب يقول: أتلفتها مستعيرا بحق، فلم يصدق.
فمن قال بهذا أجاب عما نقله المزني بجوابين
(أحدهما)
أن ذلك خطأ من المزني في
نقله وسهوه
(والثانى)
تسليم الراوية واستعمالها على أحد تأويلين إما على: القول قول المستعير في قدر الاجرة، وإما على: أن القول قول المستعير في أن لا يلزمه