وقد أخرج أبو داود والنسائي ما هو أظهر في الدلالة على الرفع من هذا، وهو حديث سعد بن ابى وقاص " إن أصحاب المزارع فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقى وما صعد بالماء مما حول النبت فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختصموا في بعض ذلك فنهاهم أن يكروا بذلك وقال: اكروا بالذهب والفضة " رواه أحمد وأبو داود والنسائي وهذا الحديث يدل على تحريم المزارعة على ما يفضى إلى الغرر والجهالة ويوجب المشاجرة وعليه تحمل الاحاديث الواردة في النهى عن المخابرة التى فعلها النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر لما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم استمر عليها إلى موته واستمر على مثل ذلك جماعة من الصحابة، ويؤيد هذا تصريح رافع في هذا الحديث بجواز المزارعة على شئ معلوم مضمون، ولا يشكل على جواز المزارعة بجزء معلوم حديث أسيد ابن حضير قال " كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أو افتقر إليه أعطاها بالنصف والثلث والربع، ويشترط ثلاث جداول، والقصارة وما يسقى الربيع وكان يعمل فيها عملا شديدا، ويصيب منها منفعة فأتانا رافع بن خديج فقال نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أمر كان لكم نافعا، وطاعة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ لكم، نهاكم
عن الحقل " رواه أحمد وابن ماجه.
والقصارة بقية الحب في السنبل بعدما يداس.
نعم لا يشكل هذا الحديث لان مجموع ما في الحديث غير المخابرة التى أجازها صلى الله عليه وسلم وفعلها في خيبر، نعم حديث رافع عند أبى داود والنسائي وابن ماجه " من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها ولا يكارها بثلث ولا ربع ولا بطعام مسمى ".
وكذلك حديثه أيضا عند أبى داود باسناد فيه بكر بن عامر البجلى الكوفى وهو فيه مقال قال: إنه زرع أرضا فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يسقيها فسأله: لمن الزرع؟ ولمن الارض؟ فقال زرعي ببذرى وعملى ولى الشطر ولبنى فلان الشطر فقال أربيتما، فرد الارض على أهلها وخذ نفقتك.
ومثله حديث زيد بن ثابت عند أبى داود قال " نهى رسول الله عن المخابرة قلت: وما المخابرة؟ قال: أن يأخذ الارض بنصف أو ثلث أو ربع " فيها دليل