قال المزني: القياس عندي أنه إذا حد له أجلا يغرس فيه فانقضى الاجل وأذن له أن يبنى في عرصة له، فانقضى الاجل فالارض والعرصة بعد انقضاء الاجل مردودان.
وصورتها فيمن استأجر أرضا ليبنى فيها ويغرس فانقضى الاجل والبناء
والغراس قائم في الارض فليس له بعد انقضاء الاجل أن يحدث بناء ولا غرسا، فإن فعل كان متعديا وأخذ بقلع ما أحدثه بعد الاجل من غرس وبناء، فأما القائم في الارض قبل انقضاء الاجل فلا يخلو حالهما فيه عند العقد من ثلاثة أحوال (أحدها) أن يشترطا قلعه عند انقضاء المدة فيؤخذ المستأجر بقلع غرسه وبنائه لما تقدم من شرطه، وليس عليه تسوية ما حدث من حفر الارض لانه مستحق بالعقد (الثانية) أن يشترطا تركه بعد انقضاء المدة فيقر ولا يفسد العقد بهذا الشرط لانه من موجباته لو أخل بالشرط ويصير بعد انقضاء المدة مستعيرا على مذهب الشافعي فلا يلزمه أجرة، وعلى مذهب المزني عليه الاجرة ما لم يصرح له بالعارية فإن قلع المستأجر غرسة وبنائه لزمه تسوية ما حدث في حفر الارض لانه لم يستحقه بالعقد، وإنما استحقه بالملك، وهذا قول جميع أصحابنا وإنما اختلفوا في تعليله فقال بعضهم: العلة فيه أنه لم يستحقه بالعقد، وهو التعليل الذى ذكرناه فعلى هذا لو قلعه قبل انقضاء المدة لالزمه تسوية الارض.
والحال الثالثة: أن يطلقا العقد فلا يشرطا فيه قلعه ولا تركه فينظر، فإن كانت قيمة الغرس والبناء مقلوعا كقيمته قائما أخذ المستأجر بقلعه لانه لا ضرر يلحقه فيه ولا نقص.
وان كانت قيمته مقلوعا أقل من قيمته قائما وهو الاغلب نظر، فان بذل رب الارض قيمة الغرس والبناء قائما، أو ما بين قيمته مقلوعا لم يكن للمستأجر تركه، لان ما يدخل عليه من الضرر بقلعه يزول ببذل القيمة أو النقص، وقيل: لا يجبرك على أخذ القيمة ولكن يخيرك بين أن تقلعه أو تأخذ قيمته وليس لك إقراره وتركه، وإن لم يبذل رب الارض قيمة الغرس والبناء ولا قدر النقص نظر في المستأجر، فان امتنع من بذل أجرة المثل بعد تقضى