المدة لم يكن له إقرار الغرس والبناء وأخذ بقلعه، وإن بذل له أجرة المثل مع امتناع رب الارض من بذل القيمة أو النقص، فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه أن الغرس والبناء مقران لا يؤخذ المستأجر بقلعهما ولا يجبر رب الارض بعد انتهاء المدة على تركهما استدلالا بما ذكره المزني من قول الله تَعَالَى (إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ) وليس من رب الارض رضى بالترك فلم يجبر عليه، ولانه لما أخذ بقلع زرعه عند انقضاء المدة لم يقر إلى أوان حصاده مع أن زمان حصاده محدود، فلان يؤخذ بقلع الغرس والبناء مع الجهل بزمانهما أولى، ولان تحديد المدة يوجب اختلاف الحكم في الاستيفاء كما أوجب اختلاف الحكم في إحداث الغرس والبناء، وهذا المذهب أظهر حجاجا وأصح اجتهادا.
واستدل أصحابنا على تركه وإقراره بقوله صلى الله عليه وسلم (ليس لعرق ظالم حق) رواه أبو داود والدارقطني عن عروة بن الزبير مرسلا، فاقتضى ذلك وقوع الفرق بين الظالم والمحق، فلم يجز أن يسوى بينهما في الاخذ بالقلع.
قالوا ولان من أذن لغيره في إحداث حق في ملك كان محمولا فيه على العرف المعهود في مثله كمن اذن لجاره في وضع اجزاعه في جداره كان عليه تركه على الدوام، ولم يكن له اخذه بقلعها، لان العادة جارية باستدامة تركها، كذلك الغرس والبناء العادة فيهما جارية بالترك والاستبقاء دون القلع، والتناول محمول على العادة.
وهذا الاستدلال يفسد بالزرع لان العادة جارية بتركه إلى أوان حصاده.
ثم هي غير معتبرة حين يؤخذ بقلعه.
(فرع)
وإذا كانت الاجارة فاسدة فبنى المستأجر فيها وغرس أو زرع فهو في الاقرار والترك على ما ذكرنا في الاجارة الصحيحة، لان الفاسد في كل عقد حكمه حكم الصحيح في الامانة والضمان.