للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في دعوته على تلك الحال ألف سنة إلا خمسين عاما، وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨]، وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥].

قال ابن القيم: "ذكر سبحانه مراتب الدّعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعوّ: فإنّه إمّا أن يكون طالبا للحقّ محبّا له مؤثرا له على غيره إذا عرفه، فهذا يدعى بالحكمة، ولا يحتاج إلى موعظة وجدال؛ وإمّا أن يكون مشتغلا بضدّ الحقّ، ولكن لو عرفه آثره واتّبعه، فهذا يحتاج إلى الموعظة بالتّرغيب والتّرهيب؛ وإمّا أن يكون معاندا معارضا فهذا يجادل بالّتي هي أحسن، فإن رجع وإلّا انتقل معه إلى الجدال إن أمكن" (١)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: ٧٤]، قال ابن كثير عند قوله تعالى: {واجعلنا للمتقين إماما} "قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، والسدي، والربيع بن أنس: أئمة يقتدى بنا في الخير، وقال غيرهم: هداة مهتدين ودعاة إلى الخير، فأحبوا أن تكون عبادتهم متصلة بعبادة أولادهم وذرياتهم، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع، وذلك أكثر ثوابا، وأحسن مآبا" (٢).


(١) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (٤/ ١٢٧٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٦/ ١٣٣).

<<  <   >  >>