سواء ذكور أو إناث، فليعمل على ما يكون سببا في صلاحهم واستقامتهم لعل الله ينفعه بصلاحهم ودعائهم له في دنياه وأخراه، فهذه ثلاثة أمور جاءت في هذا الحديث مما ينتفع به الإنسان بعد موته.
فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ»: فقوله: «الإنسان» يشمل الذكر والأنثى، وليس مقصور على الذكور فقط بل يشمل الجميع.
أما الثلاثة الأمور المذكورة في هذا الحديث فقد شملت على أهم ما ينتفع به الإنسان من الأعمال الصالحات التي يبقى ويجري له أجرها وثوابها بعد الممات؛ وسوف نتناول في هذا المبحث الصدقة الجارية، أما العلم المنتفع به، والدعاء فسوف نتناول ذلك في المباحث التي بعد هذا.
فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ»:
قال أكثر أهل العلم إن الصدقة الجارية:"هي الوقف وشبهه مما يدوم نفعه" كما مر معنا؛ ولذلك قال المناوي:"معنى «جارية» دائمة متصلة كالوقوف المرصدة فيدوم ثوابها مدة دوامها"(١)، وعلى هذا فكل ما جعل الأنسان مما ينتفع به الناس بعد موته في الخير مما يستمر بقاؤه ويدوم نفعه لهم، فإن الأجر جار ومستمر لصاحبه بعد موته ما بقى ذلك الشيء وانتفع الناس ولو بشيء منه، سواء كان الانتفاع بالشيء ذاته وبعينه كمن بنى دارا لنشر العلم الشرعي أو للفقراء وعابري السبيل أو أوقف سيارة للدعوة أو جعل كتب نافعة في العلم الشرعي،