للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما حديث شبرمة هو ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من شبرمة؟ " قال: قريب لي، قال: "هل حججت قط؟ " قال: لا، قال: "فاجعل هذه عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة" (١)، وعند هذا الحديث قال ابن الأمير: "أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه، فإذا أحرم عن غيره فإنه ينعقد إحرامه عن نفسه؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يجعله عن نفسه بعد أن لبى عن شبرمة، فدل على أنها لم تنعقد النية عن غيره؛ وإلا لأوجب عليه المضي فيه" (٢)، قال المناوي: "وفيه أنه لا يصح ممن عليه حج واجب الحج عن غيره، وكذا العمرة" (٣).

قال بعض أهل العلم أن الحج لم يسقط عن المسلم بالموت إن كان مستوفي الشروط في حياته وقبل موته، بل إن الحج باقي في ذمته، وهو دين عليه يجب الوفاء به حتى بعد الموت، ولذلك قال الشنقيطي تحت الأحاديث المذكورة سابقا: "هذه الأحاديث تدل قطعًا على مشروعية الحج عن المعضوب والميت، وأن الأظهر عندنا وجوب الحج فورًا، وعليه فلو فرط وهو قادر على الحج حتى مات مفرطًا مع القدرة أنه يحج عنه من رأس ماله إن ترك مالاً، لأن فريضة الحج ترتبت


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٦٢) رقم (١٨١١)، ابن ماجه (٢/ ٩٦٩) رقم (٢٩٠٣) قال الألباني: حديث (صحيح) صحيح أبي داود - الأم (٦/ ٧٦) رقم (١٥٨٩).
(٢) سبل السلام (١/ ٦١٠).
(٣) فيض القدير (٣/ ٣٧٥).

<<  <   >  >>