قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من دعا» أي: من بيَّن، أو أرشد، أو دلّ، غيره إلى فعل خير وهدى، وترك شر وضلال، سواء كان دعا بالقول أو بالفعل أو بالكتابة أو بغير ذلك مما يكون سببا في عمل غيره لذلك الهدى.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إلى هدى» أي: إلى ما يُهتدى به من العمل الصالح، والعلم النافع، و كل ما يحبه الله و يرضاه ويثاب عليه، من الأعمال والأقوال الصالحة، ولهذا جاءت كلمة «هدى» في الحديث مطلقة شائعة في جنس ما يقال له هدى، فيطلق على القليل والكثير والصغير والكبير، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين؛ حيث جعل باب الدعوة بابا واسعا يشمل عدة مجالات متنوعة في الدعوة الى الله تعالى، فهذا يدعو الى توحيد الله تعالى، وهذا أعظم هدى يُدعا إليه، وهذا يدعو الى تعلم العلم الشرعي، وهذا يدعو الى المحافظة على أركان الاسلام من صلاة وصيام، وهكذا فكل ما جاء به الإسلام من الأعمال الصالحة، والعبادات المتنوعة، والأخلاق الفاضلة، والمقاصد الحسنة، كله من الهدى.
قال الطيبي:"فأعظمه هُدى: من دعا إلى الله عز وجل وعمل صالحا، وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى، ولهذا عَظُم شأن الفقيه الداعي المنذر حتى فُضل واحد منهم على ألف عابد؛ ولأن نفعه يعم الأشخاص و الأعصار إلى يوم الدين"(١).
فأعظم هُدى يُدعى الناس إليه هو توحيد الله تعالى، والإخلاص له في سائر العبادات والطاعات، ومعرفته سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته، ومعرفة الحلال