وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا تَصَدَّقَتْ بِسَبْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنَّهَا لَتُرَقِّعُ جَانِبَ دِرْعَهَا وَذُكِرَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ وَرِثَ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَبَعَثَ إِلَى إِخْوَانِهِ صُرَرًا وَقَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ لِإِخْوَانِي الْجَنَّةَ، فَكَيْفَ أَبْخَلُ عَلَيْهِمْ بِالدُّنْيَا وَذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى حَسَّانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ فَسَأَلَتْهُ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَعْطِهَا أَرْبَعَ مِائَةٍ فَقِيلَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ سَائِلَةٌ تَسْأَلُكَ دِرْهَمًا فَأَعْطَيْتَهَا أَرْبَعَ مِائَةِ دِرْهَمٍ! فَقَالَ: لَمَّا نَظَرْتُ إِلَى جَمَالِهَا خَشِيتُ أَنْ تَفْتِنَ فَتَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُغْنِيَهَا فَعَسَى أَنْ يَرْغَبَ فِيهَا أَحَدٌ فَيَتَزَوَّجَهَا وَذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إِلَيْهِ بِرَأْسِ شَاةٍ فَقَالَ: أَخِي فُلَانٌ أَحْوَجُ مِنِّي فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ الَّذِي بُعِثَ إِلَيْهِ: إِنَّ فُلَانًا أَحْوَجُ مِنِّي فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَثُ بِهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى تَدَاوَلَتْ سَبْعَةُ أَبْيَاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] ، وَيُقَالُ: إِنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ فِي شَأْنِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا، فَلَمَّا أَمْسَى لَمْ يَجِدْ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ إِلَّا الْمَاءَ، فَشَرِبَ، ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلَمَّا أَمْسَى لَمْ يَجِدْ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ إِلَّا الْمَاءَ، فَشَرِبَ ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ فَفَطِنَ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَمْسَى أَتَى بِهِ مَنْزِلَهُ فَقَالَ لِأَهْلِهِ: قَدْ نَزَلَ بِنَا اللَّيْلَةَ ضَيْفٌ، فَهَلْ عِنْدَنَا طَعَامٌ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا يُشْبِعُ الْوَاحِدَ وَكَانَا صَائِمَيْنِ، وَلَهُمَا صَبِيٌّ فَقَالَ لَهَا: إِنَّا نُطْعِمُ ذَلِكَ صَيْفَنَا وَنَصْبِرُ اللَّيْلَةَ، فَنَوِّمِي الصَّبِيَّ قَبْلَ وَقْتِ الْعَشَاءِ، وَإِذَا قَرَّبْتِ الطَّعَامَ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ حَتَّى يَرَى الضَّيْفُ أَنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ حَتَّى يَشْبَعَ فَجَاءَتْ بِثَرِيدَةٍ فَوَضَعَتْهَا، ثُمَّ دَنَتْ مِنَ السِّرَاجِ كَأَنَّهَا تُصْلِحُهُ فَأَطْفَأَتْهُ فَجَعَلَ الْأَنْصَارِيُّ يَضَعُ يَدَهُ فِي الْقَصْعَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا، فَأَكَلَ الضَّيْفُ حَتَّى أَتَى عَلَى مَا فِي الْقَصْعَةِ , فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَنْصَارِيُّ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ وَقَالَ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ صَنِيعِكُمَا» يَعْنِي رَضِيَ بِهِ وَتَلَا هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute