للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِيَّاكَ وَالذَّنْبَ فَإِنَّ الذَّنْبَ شُؤْمٌ، فَيَصِيرُ شُؤْمُهُ حَجَرَ الْمَنْجَنِيقِ، فَيَضْرِبُ عَلَى حَائِطِ الطَّاعَةِ، فَيَكْسِرُ الْحَائِطَ وَيَدْخُلُ رِيحُ الْهَوَاءِ وَيُطْفِئُ سِرَاجَ الْمَعْرِفَةِ.

وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَا لَنَا نَسْمَعُ الْعِلْمَ وَلَا نَنْتَفِعُ بِهِ؟ فَقَالَ لَهُمْ لِخَمْسِ خِصَالٍ: أَوَّلُهَا: قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَلَمْ تَشْكُرُوهُ.

وَالثَّانِي: إِذَا أَذْنَبْتُمْ فَلَمْ تَسْتَغْفِرُوهُ.

وَالثَّالِثُ: لَمْ تَعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ مِنَ الْعِلْمِ.

وَالرَّابِعُ: صَحِبْتُمُ الْأَخْيَارَ وَلَمْ تَقْتَدُوا بِهِمْ.

وَالْخَامِسُ: دَفَنْتُمُ الْأَمْوَاتَ فَلَمْ تَعْتَبِرُوا بِهِمْ.

٥٥٨ - سَمِعْتُ أَبِي , يَقُولُ: رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَيَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ خَمْسٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» أَحَدُهُمْ: بِمَكَّةَ.

وَالثَّانِي: بِالْمَدِينَةِ.

وَالثَّالِثُ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالرَّابِعُ: بِمَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْخَامِسُ: بِأَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

فَأَمَّا الَّذِي يَنْزِلُ بِمَكَّةَ فَيُنَادِي: أَلَا مَنْ تَرَكَ فَرَائِضَ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ خَرَجَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمَدِينَةِ فَيُنَادِي أَلَا مَنْ تَرَكَ سُنَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ شَفَاعَتِهِ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْزِلُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيُنَادِي أَلَا مَنِ اكْتَسَبَ مَالًا حَرَامًا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالَى سَائِرَ عَمَلِهِ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْزِلُ بِمَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُنَادِي يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ بِمَاذَا تَغْتَبِطُونَ؟ وَعَلَى مَاذَا تَنْدَمُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَدَامَتُنَا عَلَى مَا فَاتَ مِنْ أَعْمَارِنَا، وَنَغْتَبِطُ بِأَهْلِ الْجَمَاعَاتِ لِقِرَاءَتِهِمْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَذَاكُرِهِمْ بِالْعِلْمِ، وَصَلَوَاتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِغْفَارِهِمْ لِذُنُوبِهِمْ وَنَحْنُ لَا نَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْزِلُ فِي الْأَسْوَاقِ، فَيُنَادِي وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ مَهْلًا، مَهْلًا فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى سَطْوَاتٍ وَنِقْمَاتٍ فَمَنْ خَشِيَ سَطْوَاتَهِ، وَنِقْمَاتِهِ فَلْيُدَاوِ جِرَاحَتَهُ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ ذُنُوبِهِ شَوَّقْنَاكُمْ فَلَمْ تَشْتَاقُوا وَخَوَّفْنَاكُمْ فَلَمْ تَخَافُوا، لَوْلَا رِجَالٌ خُشَّعٌ وَصِبْيَانٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ، لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا.

<<  <   >  >>