للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥٥٩ - وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ إِيَّاكِ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى طَالِبًا» .

وَيُقَالُ: مَثَلُ الذُّنُوبِ الصِّغَارِ كَمَثَلِ مَنْ جَمَعَ خَشَبَاتٍ صِغَارًا، فَيُوقِدُ مِنْهَا نَارًا بِاجْتِمَاعِهَا.

وَيُقَالُ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ مَنْ يَزْرَعِ الْبِرَّ يَحْصُدِ السَّلَامَةَ.

وَفِي الْإِنْجِيلِ مَكْتُوبٌ مَنْ يَزْرَعِ السُّوءَ يَحْصُدِ النَّدَامَةَ، وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣] وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَثِيرِ الذُّنُوبِ كَثِيرِ الْعَمَلِ أَعْجَبُ إِلَيْكَ أَمْ رَجُلٍ قَلِيلِ الذُّنُوبِ قَلِيلِ الْعَمَلِ قَالَ: مَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا، يَعْنِي قَلِيلَ الذُّنُوبِ أَعْجَبُ إِلَيَّ.

فَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ كُلُّ سَفَلَةٍ يَعْمَلُ الطَّاعَةَ وَلَكِنَّ الْكَرِيمَ مَنْ يَتْرُكُ الْمَعْصِيَةَ.

فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمَعْصِيَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالِ الطَّاعَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اشْتَرَطَ فِي الْحَسَنَةِ الْمَجِيءَ بِهَا إِلَى الْآخِرَةِ، وَفِي تَرْكِ الذُّنُوبِ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا سِوَى التَّرْكِ، قَالَ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {٤٠} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤٠-٤١] ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَفْوَ

<<  <   >  >>