ثم كتب مقالا ثالثا فى عدد (مايو سنة ١٩٠٨ مجلد ٣٣ ص ٤٧٩- ٤٨٣) قال فى أوله: «فى كتاب لباب الآداب أمور كثيرة مذكورة فى كتب الأدب، وفيه أمور أخرى وقعت للمؤلف أو حدثت فى زمانه. والغالب أنه لم يذكرها أحد غيره، كقصة بطريرك الأقباط التى نقلناها عنه فى مقتطف ابريل. وها نحن موردون الآن حوادث أخرى حدثت فى زمانه، لا قصد الفكاهة، بل للاستدلال بها على شىء من أحوال الناس فى عصره، أى منذ نحو ثمانمائة سنة» .
ثم نقل حكايات من الكتاب، منها حكاية فتح الافرنج انطاكية (ص ١٣٢- ١٣٤ من هذه الطبعة) وحكاية المؤلف مع شيخة ابن المنيرة حين هجوم الاسمعيلية على حصن شيزر (ص ١٩٠- ١٩١) وحكاية زهر الدولة بختيار مع الأسد (ص ١٩٩) ثم قال:
«نقف الآن عند هذا الحدّ، وفى النوادر التى نقلناها أمور كثيرة حرية بالنظر. من ذلك ذكره كلمة الافرنج بهذا اللفظ الشائع الآن فى مصر والشأم، فاستعمالها كذلك قديم، ولا داعى للعدول عنه إلى كلمة فرنج أو فرنجة. ولم نر فيما لدينا من التواريخ إشارة إلى قصة بغدوين ملك القدس وجوسلين صاحب تل باشر، لكن أبا الفرج قال فى تاريخه إن بغدوين مات فى القدس ووصى ببلاده للقمص صاحب الرها، وهو الذى أسره جكرميش وأطلقه سقاوو جاولى. وعليه فاسم الموصول راجع إلى بغدوين لا إلى القمص، إذا كان مراد أبى الفرج الاشارة إلى أسر بغدوين مع جوسلين واطلاق جاولى سقاوى لهما. وجاء فى تاريخ الصليبيين للسر جورج كوكس أن جوسلين أعان بلدوين البرجى حتى خلف الملك بلدوين الثانى، فجعله بلدوين البرجي أميرا على الرها. لكن جوسلين هذا أسر أخيرا سنة ٥٤٦ ومات أسيرا، فهل هو جوسلين عينه الذى أسر أو لا سنة ٤٩٠؟. أو إن أسامة لم يكن يدقق فى ذكر السنين، كما يظهر مما نقلناه عنه فى الجزء الماضى، حيث