قال: إنه كان فى مصر سنة ٥٤٧ فى عهد الملك العادل، مع أن الملك العادل خلف الملك الصالح سنة ٦٥٥.
وكيفما كانت الحال فالقصة محتملة الصدق، ولا بد من أنها كانت تروى فى عهده حتى تمثل بها. وهى تماثل ما يروى عن أخلاق فرسان الصليبيين وشهامتهم وحفظهم للذمام، وما كان جاريا فى ذلك العهد من استعانة أمراء المسلمين بأمراء الصليبيين، وأمراء الصليبيين بأمراء المسلمين.
ومنها اهتمام أمراء المسلمين بتعليم أولادهم، فقد كان أبو أسامة مستخذما شيخا من كبار العلماء لتعليم أولاده، وظهرت نتيجة تعليمه فى تفوق أسامة فى الانشاء، نثرا ونظما.
ومنها أن ذلك الزمان كان زمان حروب متتابعة، ولذلك كانوا يضطرون أن يقيموا فى الحصون ويصعدوا إليها بالحبال.
ومنها أن الاسود كانت لا تزال كثيرة فى بلاد الشام، أو فى أطرافها، فذكر هذا الاسد من غير استغراب، وقد انقرضت الأسود منها الآن ...
وواضح مما ذكره هنا أنه ألف كتاب (لباب الآداب) وعمره أكثر من تسعين سنة «١» ، فهو ثمرة يانعة من ثمار عقله، بعد أن حنكته التجارب، وراضته الايام.
وفى الكتاب أدلة على أن الكاتب بيّض مسودات كانت عند أسامة وخطها غير جلىّ، لانه ترك بعض الأعلام الأعجمية ثم كتبها بقلم آخر وهو يقرأ الكتاب على المؤلف، أو أخطأ فى كتابتها ثم أصلحها لما قرأ الكتاب. أما دعاء أسامة على الافرنج بقوله: خذلهم الله (ص ١٣٢) فأقل مما كان يستعمله غيره من كتاب عصره» . اه كلام العلامة الدكتور يعقوب صروف.