بني حنيفة حين ارتدوا. وذلك: أنه حين تواقف الفئتان دعا أبا مسيكة «١» الإيادي، فخرج اليه، فقال له: ويحك يأبا مسيكة! بعد الإسلام والتوحيد ارتددتَ «٢» ورجعت إلى الكفر؟! فقال: يا مالك، إياك عني، إنهم يحرِّمون الخمر ولا صبر عنها! قال: فهل لك في المبارزة؟ قال: نعم. فالتقيا، فتطاعنا بالرماح، ثم رمياها وصارا إلى السيوف، فضربه أبو مسيكة فشق رأسه حتى شتر عينه، فعاد معتنقا رقبة فرسه، فاجتمع حوله أصحابه يبكون، فقال لأحدهم:
أدخل «٣» إصبعك في فمي، فعضها مالك، فالتوى الرجل من شدة العضة! فقال: لا بأس على صاحبكم، إذا سلمت الأضراس سلم الراس، ثم قال:
احشوها سويقاً ثم شدوها بعمامة، ثم قال: هاتوا فرسي! قالوا: إلى أين؟ قال إلى أبي مسيكة! فركب، ودعا أبا مسيكة، فخرج اليهم مثل السهم، فتجاولا، فضربه مالك فقطعه إلى السرج، وعاد، فبقي مغمى عليه عدّة أيام [رضي الله عنه]«٤» . فهذه الضربة سمي «الأشتر»«٥» .
وقال حُضين «٦» بن المنذر- صاحب راية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام-: ابتذال النفس في الحرب أبقى لها إذا تأخرت الآجال.
قال أبجر بن جابر «٧» العجلي لبنيه: إن سركم طول البقاء، وحسن