للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدته في شبيبتي، وله خبر عجيب!: كانت والدتي ترخِّم اسمي استصغاراً لمحلي، فتقول: فعل «قاسِ» ، وابعثوا إلى «قاس» فيكرثني «١» ذلك، فإني لجالس في بعض الليالي بين جواريَّ وهن يغنين وقد ابتدأت الشرب «٢» -:

إذ دخلت عليَّ جارية لها مكينة عندها فقالت: إن سيدتي تقول «٣» : أنا كنت أعرَف بك ممن يلومني فيك! أنسيغ النبيذ وقد قتل أخاك ابن عمك؟! وانصرفتْ. فتسرعت إلى رمحي، وركبت فرسي وحدي، لا أنتظر غلاماً، ولا أتلبث على صاحب. فاستقبلني وهو يزئر «٤» زئير الأسد، وفي يده عمود حديد، فلما رأيته حملت عليه برمحي، فطعنته وأثبته، فسبح في طعنته، وما احتمل من ألم السباحة فيها حتى ضربني بذلك العمود في رأسي، وكانت تحت عمامتي زردية، فوقتني حد ضربته، ولو تمكن مني لأبارني بعموده. فنقص من ذلك الوقت حس شمي وذوقي، وخرّ لوجهه، فاحترزت رأسه، ودخلت به إلى أمي وهي تصلي، فوضعته بين يديها، فلما فرغت من صلاتها، قالت:

أحسن قاسم! ثم دعت بطيب فضمخته، وبعثت به إلى أمه، وقالت لرسولها:

قل لها: عزيزٌ عليَّ أن نتقاطع أرحامنا، ونتشاغل بسفك دمائنا عن دماء أعدائنا! قد وجهت إليك بمن جرّعني كأس الثّكل «٥» ، ولم يعلم أن قاتل ولدي مقتول، فخذي بحظك من الفجيعة عليه، ووقدة الثكل فيه!! وقال يزيد بن سلمة الوشاء «٦» : سرنا في رفقةٍ صغيرةٍ كانت فيها قبةٌ