ويتوغّر عليكم ما كان سهلاً، فأمّا قولكم: إني أصبت السلطان بسببكم-:
فقد علمتم- يا آل العاص- أن عثمان قتل وأنا غائبٌ وأنتم حضورٌ، فما كان فيكم من مد ذراعاً، ولا اشال «١» باعاً، أسلمتموه «٢» للحتوف، وغمدتم بعده السيوف، فما نصرتموه ولا منعتموه بأكثر من الكلام، وكان سبب ما ألب عليه الناس «٣» وأجلبوا ما كان من إيثاره إياكم بالفيء والقسم، وفي ذلك قطعت أوداجه، وسفك دمه على أثباجه «٤» ، واستحلت حرمته، ونكثت بيعته، فما شببتم ناراً، ولا طلبتم ثأراً، حتى كنت أنا المطالب بالثأر، والمثكّل للأمهات، ولقد منيت في الطلب بدمه بحرب امريءٍ لا يغيض بحره، ولا يذلّ نحره، من إن قرعته لم يفزع «٥» ، وإن أطمعته لم يطمع: من لا تخور قناته، ولا تصدع صفاته «٦» : من لا يطعن في قرابته وفهمه وعلمه وسابقته ومبين بلائه «٧» . وإنّي كالحيّة الصمّاء لا يبلّ سليمها «٨» ، ولا ينام كليمها، وإني للمرء إن همزت كسرت، وإن كويت أنضجت، فمن شاء فليشاور، ومن شاء فليؤامر، مع أنهم لو عاينوا من يوم الهرير «٩» ما عاينت، أو ولوا