وأصدق الناس إذا حدّثتهم ... ومدع الكذب فمن شاء كذبْ «١»
رُبَّ مهزولٍ سمينٌ عِرْضُه ... وسمينِ الجسم مهزولُ الحسَبْ
ثم قال: يا بني، وإذا آخيت فآخ من يعد لنوائب الزّمان. وعليك بذوي الألباب الذين ثقفتهم «٢» الآداب، ووثَّقتهم الأحساب، فإنهم أطيبُ مختبر، وأكرم محْتضر، وأعذب معتصر. واحذر إخاء كلِّ جهول، وصحبة كل عجول؛ فإنه لا يغفر الزَّلَة، وإن عرف العلَّة، سريعٌ «٣» غضَبه، عالٍ لهبه، إن سأل ألحف، وإن وعد أخلف، يرى ما يعطيك غُرماً، وما يأخذ منك غُنْماً «٤» ؛ فهو يرضيك، ما طمع فيك؛ فإذا يئس من خيرك، مال إلى غيرك.
وفي مثله يقول الشاعر «٥» :
لا تواخ- الدهر- جِبْساً راضعاً ... مُلْهَبَ «٦» الشرّ، قليل المنفعهْ
ما ينلْ منك فأحلى مغنمٍ ... ويرى ظرفاً به أن يمنعهْ «٧»
يسألُ الناس ولا يعطيهمُ ... ثكِلتْهُ أُمُّهُ، وما أطمَعَهْ «٨» !
ثم قال: يا بني، من عتب على الزمان، وتتبع عثرات الإخوان، قطعهُ صديقه، وملَّه رفيقه، واحتماه الأهلون، وظفر به الشامتون، ومن سار في البلاد ثمَّر المراد. وطالب «٩» الكفاف- بالقناعة والعفاف-: يعيش حميداً، ويموت فقيداً. وقد قال النابغة «١٠» :