إذا المرء لم يطلُب «١» معاشاً لنفسِه ... شكا الفقر، أو لام «٢» الصديق فأكثرا
وصارَ على الأدنينَ كلاًّ، وأوشكتْ ... صلاتُ ذوي القربى له أن تنكَّرا
فسرْ في بلاد الله والتمسِ الغنى، ... تعِشْ ذا يسارٍ أو تموتَ فتُعذرَا
وما طالبُ الحاجاتِ في كل وجهة «٣» ... من الناس، إلا من أجدَّ وشمَّرا «٤»
ولا ترْضَ «٥» من عيشٍ بدونٍ، ولا تنمْ ... وكيف ينامُ الليلَ من باتَ مُعْسِرا «٦» ؟
ثم قال: وليكن إخوانك وأهل بطانتك أولِي الدين والعفاف، والمروءات والأخلاق الجميلة؛ فإني رأيت إخوانَ المرء يده التي يبطش «٧» بها، ولسانه الذي يصول به، وجناحه الذي ينهض به. فاصحب هؤلاء تجدهم إخواناً، وعلى الخير أعواناً. واجتنب الصِّغار الأخطار، اللئام الأقدار، الذين لا يحامون على حسب، ولا يرجعون إلى نسب، ولا يصبرون على نائبةٍ، ولا ينظرون في عاقبةٍ؛ فإنهم إن رأوك في رخاءٍ سألوك، وإن رأوك في شدةٍ أسلموك؛ ولعلهم أن يكونوا عليك مع بعض الأعداء.
واعلم بأن الرجل بلا خدِين، كذي الشِّمال بلا يمين. واخلِطْ نفسك مع الأبرار، وطهرها من الفجَّار، فالمرء يُعرف بقرينه. وقد قال الشاعر «٨» :
وقارن- إذا قارنتَ- حراً، فإنما ... يزينُ ويُزري بالفتى قرناؤه