وقالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: من أراد الله به خيراً جعل الله له وزير صدقٍ صالحاً؛ إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه «١» .
عهد بعض الملوك إلى وصية فقال: كن بالحق عمولاً قؤولا، وعما جهلت سؤولا، وافحص عن الأمور تنجل «٢» ، واستبطن «٣» أهل التقوى وذوي الأحساب، تزن نفسك وتحكم أمرك. وإياك وقبول التزكية فيما لا تشكّ أنك فيه مكذوب، فإنها خدعة تتبعها صرعة. ولا تختص بسرك إلا من يكتمه، ولا تول أمرك إلا من يهمه، ولا تثق برجل تتهمه، ولا تعود لسانك الخنا وكثرة التألي «٤» ، ولا تكلف نفسك مالا تقوى عليه، وإذا هممت بخير فعجله، وإذا هممت بخلافه فتأن فيه، وارحم ترحم.
وعهد آخر إلى وصية فقال: اتق من فوقك، يتقك من تحتك؛ وكما تحب أن يفعل بك فافعل برعيتك، وانظر كل حسنٍ فالزمه واستكثر من مثله، وكل قبيح فارفضه؛ وبالنصحاء يستبين «٥» لك ذلك، وخيرهم أهل الدين وأهل النظر في العواقب. ولا تستنصح غاشا، ولا تستغش ناصحاً؛ فربما غش العاقل إذا وتر أو حرم أو كان ضعيف الورع. ولكل طبقة مهنة، وكل ذي علم بأمر فهو أولى به. وإنما رأيت آفة الملوك في ثلاثة أمور، فاحسم عنك واحداً وأحكم اثنين-:
اتباع الهوى، وتولية من لا يستحق، وطي أمور الرعية عن الراعي، فإنك إن ملكت هواك لم تعمل إلا بالحق، وإن وليت المستحق كان عونا لك على ما يجب، ولم تضع الأمور على يديه. وإذا تناهت إليك الأمور