للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أمور الرعية على حقائقها، عاش الوضيع، وحذر الرفيع، وأمسك الظلوم، وأمن المظلوم.

قال كسرى: إني ضبطت ملكي بأني لم أهزل في أمر ولا نهي قط؛ وأعطيت للغناء لا للرضى «١» ، وعاقبت للأدب لا للغضب، وصدقتهم الوعد والوعيد، وعممت بالعدل والإنصاف، وكففت يدي عن دمائهم وأموالهم إلا بحقها.

وغضب كسرى على رجل من أصحابه فأمر بحبسه وقطع ما كان جاريا عليه، فقال له بزرجمهر: إن الملوك تؤدب بالهجران، ولا تعاقب بالحرمان.

لما قدم محمد بن عبد الله بن خالد أذربيجان- أميراً عليها- جاء قوم إلى كاتبه، فقالوا له: هاهنا أموال قد أخفيت، وحقوق قد بطلت. فكتب الكاتب بذلك رقعة إلى الأمير، فأجابه الأمير في ظهرها: أجر الناس على دواوينهم، وما صح من قوانينهم، واعلم أني ما وردت الناحية لإحياء الرسوم الردية، والاستماع من سقاط «٢» الرعية، فلا تركن إلى الفضول، وتدع الذي توجبه العقول، فإنما هي أيام تمضي، ومدة تنقضي؛ فإما ذكر جميل، وإما خزى طويل. وإياك وقول جرير:

وكنتَ إِذا نزلتَ بدارِ قومٍ ... رَحَلتَ بخزيةٍ وتركتَ عاراً «٣»

واعمل على أن يكون الدعاء لنا لا علينا.

وقع بعض العمال إلى كسرى قباذ في أنطاكية: للملك، جماعة قد فسدت نياتهم، وخبثت ضمائرهم، وقد هموا بما لم يفعلوا، وهم غير مأمونين على المملكة؛