سالبٍ، ودرك بعيدٍ وموت أملٍ، وذهاب ذعرٍ وتمني رغبٍ. فكتب إليه: الذي وصفت كما وصفت. فأي الامور أدفع لما ذكرت؟ فكتب إليه:
أخذ العدة لما تخاف حلوله، وإيثار الجد حتى تبيد الهزل، والعمل بالعدل في الغضب والرضا.
قال المدائني: لما ولي زياد بن أبيه صعد المنبر بعد صلاة الظهر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إني رأيت خلالاً ثلاثاً نبذت إليكم فيها بالنصيحة: رأيت إعظام ذي الشرف، وإجلال ذي العلم، وتوقير ذوي الأسنان، وإني أعاهد الله لا يأتيني شريف بوضيع لم يعرف له شرفه- على ضعته-: إلا عاقبته، ولا يأتيني عالم بجاهل لاحاه «١» في علمه ليهجنه عليه-: إلا عاقبته «٢» ، فإنما الناس بأعلامهم وذوي أسنانهم. ثم تمثل:
تُهدَى الأُمورُ «٣» بأهل الرأْي ما صلحتْ ... فإن تولتْ فبالأشرارِ تنقادُ
لا يصلحُ القومُ فوضى لا سراةَ لهمْ ... ولا سَرَاةَ إذا جُهالُهم سَادُوا
قال أبو الحسن المدائني: أوفد زياد بن أبيه عبيد بن كعب النميري إلى معاوية، فقال له معاوية: أخبرني عن زياد؟ قال: يستعمل على الخير والأمانة، دون الهوى، ويعاقب على قدر الذنب، ويسمر فيستحزم «٤» بحديث الليل