تدبير النهار. قال: أحسن «١» . فكيف يعمل في حقوق الناس؟ قال: يأخذ ماله عفواً. قال: فكيف عطاياه؟ يمنع حتى يبخل، ويعطي حتى يقال جواد. قال: أحسن «٢» . إن البذل رضيع العدل. فكيف الشفاعة عنده؟ قال:
ليس فيها مطمع، وما فعل من خير فلك وله.
عن المدائني قال: لما هلك معاوية، وملك ابنه يزيد، أتته بنو أمية، فأظهر لهم يقظةً وتفقداً لأمور الرعية، حتى بلغ خسيسها، فأعجبهم ما رأوا منه، وظهر على ألسن العامة حزمه، فقال لهم عبد الملك بن مروان: ما رأيتم منه؟ فقال أحدهم:
أنساني معاوية. فقال: وأي أموره أنساكم معاوية؟ فقال: من تفقده أمور الرعية ما كان أغفله معاوية. قال: إن معاوية لم يكن يغفل من الأمور مهما؛ فهل يتفقد خسيسها؟ قال: نعم. قال: أزرى بالمهم، لأنه إذا استكفى بالخسيس لم تفرغ نفسه للمهمّ.
وقالت الحكماء: إنّ الملوك حقيقون باختيار الأعوان فيما يهتمون به من أعمالهم وأمورهم، من غير ان يكرهوا على ذلك أحداً، فان المكره لا يستطيع المبالغة في العمل.
وقالوا: ينبغي للملك أن يجتنب السكر، لأنه حارس المملكة، ومن القبيح أن يحتاج الحارس إلى من يحرسه! وقالوا: إن السلطان إذا كان حارساً «٣» ووزراؤه وزراء سوء منعوا خيره من الناس، فلم يجتر «٤» عليه أحد ولم يدن منه، وإنما مثله في ذلك كالماء الصافي