الطيب الذي فيه التماسيح فلا يستطيع أحد- وإن كان سابحاً وكان إلى الماء محتاجاً-:
أن يدخله، وإنما حلية الملوك وزينتهم أصحابهم: إن يكثروا ويصلحوا.
قالوا: ويجب على الملوك تعاهد عمالهم، والتفقد لأمورهم، حتى لا يخفى عليهم إحسان محسنٍ، ولا إساءة مسيء. ثم عليهم بعد ذلك أن لا يتركوا محسناً بغير جزآء، ولا يقروا مسيئاً ولا عاجزاً على العجز والإساءة، فإنهم إن صنعوا ذلك، تهاون المحسن، واجترأ المسيء، وفسد الأمر، وضاع العمل.
وقالوا: ينبغي للملك أن يحصن دون المتّهم أسراره وأموره، ولا يدنيه من مواضع أسراره، ولا من ماء الحوض الذي يعد لغسله، ولا من فرشه ودثاره، ولا من كسوته، ولا من مراكبه، ولا من سلاحه، ولا من طعامه وشرابه، ولا من دهنه وطيبه.
وقالوا: إنّ اللئيم الجاهل لا يزال باصحا حتى يرفع إلى المنزلة التي ليس لها بأهلٍ، فإذا بلغها التمس ما فوقها بالغش والخيانة؛ وإن اللئيم لا يخدم السلطان وينصح له إلا عن فرقٍ أو حاجةٍ، فإذا أمن وذهبت الحاجة عاد إلى جوهره، كذنب الكلب الذي يربط ليستقيم، فلا يزال مستقيماً ما دام مربوطا، فاذا حل عاد إلى أصله فانحنى.
وقالوا: إنما يؤتى السلطان من قبل ست خلالٍ: الحرمان، والفتنة، والهوى والفظاظة، والزمان، والخرق. فأما الحرمان فأن يحرم من الأعوان والنصحاء والساسة «١» أهل الرأي والنجدة والأمانة، أو يقصد «٢» بعض من هو كذلك